وهو لا يعلم ما يريد. وحج في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: من أنت؟ قال: أنا ميثم. قالت: والله لربما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوصي بك عليا في جوف الليل. فسألها عن الحسين، قالت: هو في حائط (1) له.
قال: أخبريه أني قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله. فدعت له بطيب فطيبت لحيته، وقالت له: أما إنها ستخضب بدم.
فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فأدخل عليه فقيل: هذا كان من آثر الناس عند علي. قال: ويحكم هذا الأعجمي؟! قيل له: نعم. قال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: بالمرصاد لكل ظالم وأنت أحد الظلمة. قال: إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد، ما أخبرك صاحبك أني فاعل بك؟ قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة، أنا أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة. قال: لنخالفنه.
قال: كيف تخالفه؟! فوالله ما أخبرني إلا عن النبي (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل عن الله تعالى، فكيف تخالف هؤلاء!؟ ولقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أول خلق الله ألجم في الإسلام. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيد، فقال ميثم التمار للمختار: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الذي يقتلنا. فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله فخلاه، وأمر بميثم أن يصلب، فأخرج فقال له رجل لقيه: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم! فتبسم وقال وهو يومئ إلى النخلة: لها خلقت ولي غذيت، فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث. قال عمرو: قد كان والله يقول: إني مجاورك. فلما صلب أمر جاريته