فقال علي: اللهم إني أشهدك أني قد أعذرت وأنذرت، فكن لي عليهم من الشاهدين.
ثم دعا علي بالدرع، فأفرغها عليه، وتقلد بسيفه واعتجر (1) بعمامته واستوى على بغلة النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم دعا بالمصحف فأخذه بيده، وقال: يا أيها الناس، من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلى ما فيه؟
قال: فوثب غلام من مجاشع يقال له: مسلم، عليه قباء أبيض، فقال له: أنا آخذه يا أمير المؤمنين.
فقال له علي: يا فتى إن يدك اليمنى تقطع، فتأخذه باليسرى فتقطع، ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل.
فقال الفتى: لا صبر لي على ذلك يا أمير المؤمنين.
قال: فنادى علي ثانية، والمصحف في يده، فقام إليه ذلك الفتى وقال: أنا آخذه يا أمير المؤمنين.
قال: فأعاد عليه على مقالته الأولى، فقال الفتى: لا عليك يا أمير المؤمنين، فهذا قليل في ذات الله، ثم أخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم، فقال: يا هؤلاء، هذا كتاب الله بيننا وبينكم.
قال: فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتى قتل - رحمة الله عليه - (2).