قال البراء: فكنت فيمن عقب معه، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر، فجمعوا له، فصلى بنا علي الفجر، فلما فرغ صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد. وكتب بذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما قرأ كتابه خر ساجدا، ثم جلس فقال: السلام على همدان، السلام على همدان! ثم تتابع أهل اليمن على الإسلام (1).
252 - الطبقات الكبرى: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا إلى اليمن، وعقد له لواء، وعممه بيده، وقال: امض ولا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك. فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد؛ وهي بلاد مذحج. ففرق أصحابه، فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك. وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا.
ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثم حمل عليهم علي بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا، فتفرقوا وانهزموا، فكف عن طلبهم. ثم دعاهم إلى الإسلام، فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله.
وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء، فكتب في سهم منها لله، وأقرع عليها، فخرج أول السهام سهم الخمس. وقسم علي على أصحابه بقية