نزل به جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله): " لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك "، وذكروا مكانها أنه " كانت السنة الجارية عند العرب أن لا ينقض العهد إلا عاقده أو رجل من أهل بيته "!! تلك السنة العربية التي لا خبر عنها - في أيامهم ومغازيهم - ولا أثر، إلا ما ذكره ابن كثير ونسبه إلى العلماء عند البحث عن آيات براءة.
ثم لو كانت سنة عربية جاهلية على هذا النعت فما وزنها في الإسلام!! وما هي قيمتها عند النبي (صلى الله عليه وآله) وقد كان ينسخ كل يوم سنة جاهلية، وينقض كل حين عادة قومية، ولم تكن من جملة الأخلاق الكريمة أو السنن والعادات النافعة، بل سليقة قبائلية تشبه سلائق الأشراف!! وقد قال (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة عند الكعبة - على ما رواه أصحاب السير: " ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت، وسقاية الحاج ".
ثم لو كانت سنة عربية غير مذمومة، فهل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذهل عنها ونسيها حين أسلم الآيات إلى أبي بكر وأرسله، وخرج هو إلى مكة حتى إذا كان في بعض الطريق ذكر (صلى الله عليه وآله) ما نسيه أو ذكره بعض من عنده بما أهمله وذهل عنه من أمر كان من الواجب مراعاته، وهو (صلى الله عليه وآله) المثل الأعلى في مكارم الأخلاق واعتبار ما يجب أن يعتبر من الحزم وحسن التدبير؟! وكيف جاز لهؤلاء المذكرين أن يغفلوا عن ذلك وليس من الأمور التي يغفل عنها وتخفى عادة، فإنما الذهول عنه كغفلة المقاتل عن سلاحه.
وهل كان ذلك بوحي من الله إليه؛ أنه يجب له أن لا يلغي هذه السنة العربية الكريمة، وأن ذلك أحد الأحكام الشرعية في الباب، وأنه يحرم على ولي أمر المسلمين أن ينقض عهدا إلا بنفسه أو بيد أحد من أهل بيته؟ وما معنى هذا الحكم؟ أو أنه حكم أخلاقي أضطر إلى اعتباره؛ لما أن المشركين ما كانوا يقبلون