هذا النقض إلا بأن يسمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه، أو من أحد من أهل بيته؟! وقد كانت السيطرة يومئذ له (صلى الله عليه وآله) عليهم، والزمام بيده دونه، والإبلاغ إبلاغ.
أو أن المؤمنين المخاطبين بقوله: ﴿عهدتم﴾ (١)، وقوله: ﴿وأذن من الله ورسوله إلى الناس﴾ (٢)، وقوله: ﴿فاقتلوا المشركين﴾ (3) ما كانوا يعتبرون هذا النقض نقضا دون أن يسمعوه منه (صلى الله عليه وآله)، أو من واحد من أهل بيته، وإن علموا بالنقض إذا سمعوا الآيات من أبي بكر؟....
ليس التوغل في مسألة الإمارة مما يهمنا في تفهم معنى قوله: " لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك "؛ فإمارة الحاج سواء صحت لأبي بكر أو لعلي، دلت على فضل أو لم تدل، إنما هي من شعب الولاية الإسلامية العامة التي شأنها التصرف في أمور المجتمع الإسلامي الحيوية، وإجراء الأحكام والشرائع الدينية، ولا حكومة لها على المعارف الإلهية، ومواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين.
إنما هي ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ ينصب يوما أبا بكر أو عليا لإمارة الحاج، ويؤمر يوما أسامة على أبي بكر وعامة الصحابة في جيشه، ويولي يوما ابن أم مكتوم على المدينة وفيها من هو أفضل منه، ويولي هذا مكة بعد فتحها، وذاك اليمن، وذلك أمر الصدقات. وقد استعمل (صلى الله عليه وآله) أبا دجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري - على ما في سيرة ابن هشام - على المدينة عام حجة الوداع، وفيها أبو بكر لم يخرج إلى الحج على ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي