وأمر مالك جيشه بالاختباء خلف الأحجار والصخور وشعاب الجبال والنقاط المرتفعة في آخر الوادي الذي كان ممرا إلى منطقة حنين. ولما وصل الجيش الإسلامي هناك رشق بالسهام والحجارة، فمني بالهزيمة والانكسار، وحدث ما حدث، وفر كثير من جيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1)، حتى قال أبو سفيان مستهزئا: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر (2).
وفي ساعة العسرة هذه لم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا قليل؛ قرابة عشرة، فاستماتوا في الدفاع عنه، وفيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان لا يفتأ يحوم حوله مدافعا، وهزم من كان يريد قتل النبي (صلى الله عليه وآله)، وأجبرهم على الفرار (3).
وصاح النبي (صلى الله عليه وآله) بصوت عال في خضم تلك الشدائد والنوازل قائلا: يا أنصار الله وأنصار رسوله، أنا عبد الله ورسوله! ثم ساق بغلته نحو العدو ومعه عدد من الصحابة، وأمر عمه العباس أن ينادي المسلمين بصوته الجهوري ويدعوهم إلى نصرته. وهكذا انتظم أمر الجيش مرة أخرى (4).
إن ثبات علي (عليه السلام) وقتاله بلا هوادة في هذه المعركة لافتان للنظر أيضا، فقد قتل