من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٥٧
الخبيثة بسيفه، وكانت السهام تأخذه يمينا وشمالا، وهو يتقيها بصدره ونحره، ومن بين تلك السهام التي فتكت به:
1 - سهم أصاب فمه الطاهر، فتفجر دمه الشريف فوضع يده تحت الجرح فلما امتلأت دما رفعه إلى السماء وجعل يخاطب الله تعالى قائلا: " اللهم ان هذا فيك قليل ".
2 - سهم أصاب جبهته الشريفة المشرقة بنور النبوة والإمامة، رماه به أبو الحتوف الجعفي فانتزعه، وقد تفجر دمه الشريف، فرفع يديه بالدعاء على السفكة المجرمين قائلا: " اللهم انك ترى ما أنا فيه من عبادك العصاة، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا ".
وصاح بالجيش: " يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما انكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.. ".
حتى ذكر أحد القتلة انه لما سقط الحسين (عليه السلام) ونالته السهام والسيوف والرماح ما نالته، كنت واقفا نحو الحسين وهو يجود بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلا قط مضمخا بدمه أحسن منه وجها ولا أنور! ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله (1).
ولما اشتد به الحال، رفع طرفه إلى السماء وقال:
" اللهم متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابق النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت، شكور إذا شكرت، ذكور إذا ذكرت.. أدعوك محتاجا، وأرغب إليك فقيرا، وأفزع إليك خائفا، وأبكي إليك مكروبا، وأستعين بك ضعيفا، وأتوكل عليك كافيا. اللهم احكم بيننا وبين قومنا فإنهم غرونا وخذلونا، وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك، وولد حبيبك محمد صلى الله عليه وآله الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على الوحي، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا يا أرحم الراحمين (2).

١ - مثير الأحزان، لابن نما: ٣٩.
٢ - مصباح المتهجد، للشيخ الطوسي: 574. والإقبال، للسيد ابن طاووس: 185، عنهما البحار: 101:
348.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»