وجدي رسول الله أكرم من مشى * ونحن سراج الله في الناس يزهر وفاطمة أمي سلالة أحمد * وعمي يدعى ذو الجناحين جعفر وفينا كتاب الله أنزل صادقا * وفينا الهدى والوحي والخير يذكر (1) وعجز الحقراء والجبناء عن مواجهة هذه الشجاعة الحسينية الفريدة من نوعها فهجموا على خيمه ليسلبوا الحريم والأطفال فصاح بهم الحسين الأبي: " يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون.. ".
هكذا لقد جردهم الإمام بهذه الكلمات من الإطار الإسلامي، وأضافهم إلى آل أبي سفيان ذلك العدو الأول للإسلام، والذي تزعم من بعده أبناؤه القوى الباغية عليه، وما كارثة كربلاء إلا امتداد لأحقادهم وأضغانهم على نبي الإسلام...
وقد دعاهم الحسين (عليه السلام) إلى الاحتفاظ بالتقاليد العربية التي كانت سائدة في أيام الجاهلية من عدم التعرض للنساء والأطفال بأي أذى أو مكروه.
وانبرى الوغد الخبيث شمر بن ذي الجوشن فقال للإمام: ما تقول يا ابن فاطمة؟
وحسب الرجس أنه قد انتقص الإمام بنسبته إلى امه فاطمة، ولم يعلم أنه نسبه إلى معدن الطهر والنبوة، وحسب الحسين فخرا ومجدا أن تكون امه سيدة نساء العالمين حسبما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله).
فقال له الإمام: " أنا الذي أقاتلكم، والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم من التعرض لحرمي ما دمت حيا ".
فأجابه الشمر إلى ذلك، وأحاط به القتلة المجرمون وهم يوسعونه (عليه السلام) ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح، فجعلت جراحاته تتفجر دما. وللمرة الأخيرة وهو بتلك الحالة وجه الإمام (عليه السلام) خطابا لأعدائه حذرهم فيه من غرور الدنيا وفتنتها. يقول المؤرخون: إنه لم يلبث بعده إلا قليلا حتى استشهد، وهذا نص خطابه الحنون:
" عباد الله، اتقوا الله، وكونوا من الدنيا على حذر فان الدنيا لو بقيت لأحد، وبقي عليها أحد لكانت الأنبياء أحق بالبقاء، وأولى بالرضا، وأرضى بالقضاء، غير أن الله