كم كان شديد الاهتمام به، حتى فر من الخيام شوقا إلى الحسين (عليه السلام) الذي طالما تنعم في جواره الحنون وعطفه الأبوي الكبير. وكم عجيب أمر القتلة الوحوش الذين افترسوا حتى الأطفال اليتامى في كربلاء. ولقد أنست أحقادهم كل القيم الأخلاقية والمبادئ الانسانية وما جاء به القرآن والنبي (صلى الله عليه وآله) من حث على الاهتمام باليتامى.
نعم إنما قتلوا حسينا ليقتلوا الأخلاق الاسلامية كلها، ولكنها انتصرت وبقيت في الحياة كالمنائر الشامخة الدالة على الذين سقوا شجرتها بدمائهم الزكية، وكان فيها دم هذا اليتيم الذي اختلط بدم عمه الحسين (عليه السلام) اختلاط الحب والحنان والرقة في قلوب المؤمنين، حيث لا ينفك عن سلوكهم.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - الحب غريزة في النفس، إذا تعلقت بالمحبوب دفع المحب إلى تجاوز المخاطر كلها، بل صيره لا يرى للمخاطر أثرا على نفسه المشتاقة والمتلهفة نحو المحبوب.
2 - من الواجب توجيه هذه الغريزة العظيمة نحو حب الخير وأهله. وقد جاءت التعاليم الدينية في الإسلام المحمدي الوجود والعلوي المنهج والحسيني البقاء لتزرع الحب في قلوب البشرية وتنبذ عنها الحروب الجاهلية 3 - إن الحق يتطلب الصبر، والصبر ينتهي إلى النصر، والنصر حق يتطلب الشكر بالصبر عليه.
4 - لابد لأهل الحق أن يتعاهدوا في الصبر على أهدافهم بلغ الأمر ما بلغ.
E / في الإباء والفداء والشجاعة وهما من العناصر المتقدمة في الأخلاق الكريمة، ولا يرقاها إلا ذو شرف أصيل وصاحب هدف نبيل، ومثاله الكامل هو الإمام الحسين (عليه السلام) سبط النبي (صلى الله عليه وآله) ابن فاطمة وعلي (عليهما السلام).
فتأمل في صموده (عليه السلام) بعد استشهاد أصحابه وأهل بيته، وبقائه وحيدا في ساحة المعركة. يقول المؤرخون:
تقدم الحسين (عليه السلام) نحو القوم مصلتا سيفه، فدعا الناس إلى البراز - أي المبارزة -