من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٥٨
صبرا على قضائك يا رب، لا إله سواك يا غياث المستغيثين (1)، ما لي رب سواك، ولا معبود غيرك، صبرا على حكمك يا غياث من لا غياث له، يا دائما لا نفاد له، يا محيي الموتى، يا قائما على كل نفس بما كسبت، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين " (2).
ونسبت إليه هذه الأبيات الشعرية في تلك الساعة:
إلهي تركت الخلق طرا في هواكا * وأيتمت العيال لكي أراكا فلو قطعتني في الحب إربا * لما مال الفؤاد إلى سواكا وكيف لا تكون هذه ترانيمه العرفانية وكلماته الإلهية وهو صاحب أعظم دعاء في يوم عرفة، الذي قال فيه مخاطبا رب العالمين: " عميت عين لا تراك، ولا تزال عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا ".
وقال المؤرخون: لما قتل أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) مال الناس على ثقله ومتاعه، وانتهبوا ما في الخيام (3)، وأضرموا النار فيها، وتسابق القوم على سلب حرائر الرسول (صلى الله عليه وآله)، ففررن بنات الزهراء (عليها السلام) مسلبات باكيات (4) (5).
هل عرفت الأخلاق الجاهلية كيف عادت إلى أولئك العرب!؟
يا لها من مأساة سودت وجه تاريخ العروبة، يا ليتها لم تكن في زمن الاسلام لكيلا تتلوث بها سمعته النقية وشرفه السامي.
لقد كان جزاء الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي أنقذهم من حياة البؤس والشقاء أن عدوا على ذريته فسفكوا دماءهم، واقترفوا منهم ما تقشعر منه الجلود وتندى له الوجوه.. وقد استجاب الله دعاء الإمام فانتقم له من أعدائه المجرمين، فلم يلبثوا قليلا حتى اجتاحتهم الفتن والعواصف، فقد هب الثائر العظيم المختار الثقفي طالبا بدم الإمام المظلوم فأخذ يطاردهم ويلاحقهم، وقد هربوا في البيداء وشرطة المختار تطاردهم حتى أباد الكثيرين منهم.
يقول الزهري لم يبق من قتلة الحسين أحد إلا عوقب إما بالقتل أو العمى أو سواد

١ - كما في أسرار الشهادة: ٤٢٣.
٢ - كما في رياض المصائب: ٣٣.
٣ - الكامل ٤: ٢٢.
٤ - تاريخ الطبري ٦: ٢٦٠.
5 - نقلا عن كتاب الأخلاق الحسينية / ص 291.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»