من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣٨
وأقبل عمرو بن الحجاج، وكان ممن كاتب الحسين بالقدوم إلى الكوفة حتى قرب من معسكر الحسين فرفع صوته:
يا حسين هذا الفرات تلغ فيه الكلاب، وتشرب فيه الحمير والخنازير، والله لا تذوق منه جرعة حتى تذوق الحميم في نار جهنم.
وأقبل عبد الله بن حصين الأزدي يشتد كأنه الكلب نحو الإمام فنادى: يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا!
فرفع الإمام يديه بالدعاء عليه وقال: " اللهم اقتله عطشا، ولا تغفر له أبدا ".
لقد فخر أولئك الأجلاف باحتلالهم لماء الفرات، تقربا لسيدهم ابن مرجانة وإرضاء لعواطفه لينالوا جوائزه وهباته.
أرأيت يا أخي ما هو الفرق بين أخلاق الحسين إمام الكرام، وبين أخلاق الحقراء اللئام؟
وهذا هو ما تذكره الحر بن يزيد الرياحي حينما التحق بمعسكر الإمام (عليه السلام) وتاب على يده، فلم يتأخر عند الإمام خجلا من موقفه السابق منه، وغضبا على أولئك اللئام، فقد كتب المؤرخون انه خرج إلى جيش ابن سعد فرفع صوته قائلا:
" يا أهل الكوفة لامكم الهبل والعبر إذ دعوتموه، وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة حتى يأمن وأهل بيته، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وملأتموه - أي منعتموه - ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي تشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ " (1).
لقد صبر الحسين ومن معه حتى الأطفال والبراعم الأبرياء، تحملوا من الظلم ما لم يستطع تحمله غيرهم، وكان صبرهم من أجل إحياء القيم الأخلاقية بين الناس.
اللهم علمنا جميل الصبر وأعطنا عظيم الأجر بعد أن توفقنا لأخلاق الحسين وقيم الذين كانوا معه.

1 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) / ج 3 ص 136 - 140 (مع تغيير وإضافات).
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»