من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣٧
الجندي:
وذئاب الشرور تنعم بالماء * وأهل النبي من غير ماء يا لظلم الأقدار يظمأ قلب الليث * والليث موثق الأعضاء وصغار الحسين يبكون في الصحراء * يا رب أين غوث القضاء ان جميع الشرائع والمذاهب لا تبيح منع الماء عن الأطفال والنساء، وخصوصا الشريعة الإسلامية، فقد جعلت الناس جميعا شركاء في الماء والكلاء، وسوغت الشرب من الأنهار المملوكة حتى لو لم يأذن أربابها، وكرهت - الشريعة - أشد الكراهة ذبح الحيوان الأعجم عطشانا، لكن الجيش الأموي لم يحفل بذلك، واستباح جميع ما حرمته الشرائع والأديان.
لقد تنكر أولئك الجفاة لليد البيضاء التي أسداها الإمام الحسين (عليه السلام) على مقدمة جيوشهم التي كانت تتألف من ألف فارس بقيادة الحر لإلقاء القبض على الإمام والحصار عليه في البيداء، وكان قد بلغ بهم العطش كل مبلغ حتى أشرفوا على الهلاك، وكان باستطاعته أن يبيدهم عطشا، فأبت مروءته ورحمته أن يعاملهم بالقسوة، فأمر فتيانه وهو معهم، فسقاهم عن آخرهم، كما أمر بسقي خيولهم وترشيفها على أنه كان في حاجة إلى الماء، لأنه في وسط الصحراء اللاهبة، ولم يقدر أولئك الأجلاف هذه النجدة فحرموه من الماء وحرموا من كان في كنفه من سيدات أهل البيت وأحفاد النبي (صلى الله عليه وآله) والأطفال الرضع والصغار.
انظر أيها المسلم الشريف كم كان الحسين مظلوما صابرا على عزته وإبائه. وقد لا تصل بنظرك إلى المستوى المطلوب إلا أن تتأمل في الأخلاق اللئيمة لأولئك الممسوخين من أعداء الحسين (عليه السلام) الذين كانوا يتباهون ويتفاخرون باستيلائهم على ماء الفرات وحرمان ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه.
فهذا المهاجر بن أوس التميمي إنبرى صوب الإمام (عليه السلام) رافعا صوته: يا حسين ألا ترى إلى الماء يلوح كأنه بطون الحيات، والله لا تذوقه أو تموت!
فرد (عليه السلام): " إني لأرجو أن يوردنيه الله ويحلئكم (1) عنه ".

1 - أي يطردكم ويمنعكم عن الماء.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»