من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٤٢
قال عمر: أي والله قتالا أيسره أن تسقط فيه الرؤوس، وتطيح الأيدي.
فقال الحر: مالكم في ما عرضه عليكم من الخصال؟
فقال عمر: لو كان الأمر إلي لقبلت ولكن أميرك أبى ذلك.
فتركه الحر ووقف مع الناس، وكان إلى جنبه قرة بن قيس فقال لقرة: هل سقيت فرسك اليوم؟
قال: لا.
قال: فهل تريد أن تسقيه؟
فظن قرة من ذلك أنه يريد الاعتزال، ويكره أن يشاهده، فتركه، فأخذ الحر يدنو من الحسين (عليه السلام) قليلا، فقال له المهاجر بن أوس: أتريد أن تحمل؟ فسكت الحر وأخذته الرعدة، فارتاب المهاجر من هذا الحال، وقال له: لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك، فما هذا الذي أراه منك؟!
فقال الحر: إني أخير نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار على الجنة شيئا ولو حرقت. ثم ضرب جواده نحو الحسين (عليه السلام) (1)، منكسا رمحه، قالبا ترسه، وقد طأطأ برأسه حياء من آل الرسول بما أتى إليهم، وجعجع بهم في هذا المكان على غير ماء ولا كلأ، رافعا صوته:
اللهم إليك أنيب، فتب علي، فقد أرعبت قلوب أوليائك، وأولاد نبيك. يا أبا عبد الله!
إني تائب، فهل لي من توبة؟
فقال الحسين (عليه السلام) - وهو العفو -: " نعم، يتوب الله عليك (2) ". فسره قوله، وتيقن الحياة الأبدية والنعيم الدائم، ووضح له قول الهاتف لما خرج من الكوفة، فحدث الحسين (عليه السلام) بحديث قال فيه: لما خرجت من الكوفة نوديت: " أبشر يا حر بالجنة "، فقلت: ويل للحر يبشر بالجنة وهو يسير إلى حرب ابن بنت رسول الله! (3) فقال له الحسين (عليه السلام): " لقد أصبت خيرا وأجرا ".
ولم يكتف الحر التائب بهذا أيضا حتى نزل إلى ساحة المعركة يدافع عن الإمام الحق

١ - تاريخ الطبري ٦: ٢٤٤.
٢ - اللهوف: ٥٨. أمالي الصدوق: ٩٧. روضة الواعظين: ١٥٩.
3 - أمالي الصدوق: 93، المجلس 30.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»