من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣٦
وأن عدوه كان امتدادا لحركة الشرك والجاهلية والنفاق؟
إن هذه المواقف تستوقف المتدبر وتدعوه إلى إعادة القراءة في القيم الأخلاقية التي أينعت ثمارها في سلوك الحسين واخوته وأصحابه. إنها التفاني في حب الحسين (عليه السلام)...
أليس لأن الحسين قد تفانا في حب الله؟
روي عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: " سمعت أبي يقول: لما التقى الحسين (عليه السلام) وعمر بن سعد (لعنه الله) وقامت الحرب، أنزل الله تعالى النصر حتى رفرف على رأس الحسين (عليه السلام)، ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله، فاختار لقاء الله ". (1) فلقاء الحبيب (عند رب العالمين) عند الحسين أفضل من الانتصار الظاهري وركوب السلطة والحصول على المهابة السياسية، فذلك قمة الحب الإلهي والزهد في الدنيا، وعلى قاعدتها يتشيد السلوك الأخلاقي الرفيع.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - القرابة المبنية على الأخلاق الإسلامية، تصنع صلابة المواقف المبدئية.
2 - التعاون بين الأقارب من ثمرة المسبقات الأخلاقية.
3 - التلاحم الحقيقي بين العاملين الصالحين يقوم على أساس الحب في الله والبغض في الله، مشروطا بالوعي لموارد الحب والبغض أن تكون لله حقا.
E / في الصبر والإباء وتحمل الظلم يقول المؤرخون: انه حيل بين الحسين وبين الماء قبل قتله بثلاثة أيام، وكان أعظم ما عاناه الإمام من المحن الشاقة مشاهدة أطفاله وحرائر الرسالة، وهم يعجون من ألم الظمأ القاتل، فقد كان الأطفال ينادون - في ذلك الحر الشديد -: الماء.. الماء.
ولم يستطع الأطفال مقاومة العطش، وكانوا ينظرون إلى الفرات وهو فياض بمائه، فيزداد صراخهم، وذاب قلب الإمام رحمة وحنانا لذلك المشهد الرهيب، فقد ذبلت شفاه أطفاله، وذوي عودهم، وجف لبن المراضع، بينما ينعم أولئك الجفاة بالماء، يقول أنور

(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»