من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣٥
* الدروس المستفادة هنا:
1 - تقدير الظروف حكمة أخلاقية.
2 - التساهل مع الناس في إطار المباحات أمر هام.
E / في المحبة والاحترام والبسالة كان عون (1) صبيحا مليحا شجاعا، استأذن أخاه الحسين (عليه السلام) فقال له الحسين (عليه السلام):
" كيف تقاتل هذا الجمع الكثير والجم الغفير "؟!
فقال عون: من كان باذلا فيك مهجته لم يبال بالكثرة والقلة.
فبكى الحسين (عليه السلام) وأذن له فحمل عون على القوم وقتل مقتلة عظيمة، فاحتوشه ألفان من القوم، ففرقهم يمينا وشمالا، وتخلل الصفوف مقبلا إلى الحسين (عليه السلام) وفي رأسه ووجهه جراحات، فقبله الحسين (عليه السلام) وقال له: " أحسنت، لقد أصبت بجراحات كثيرة فاصبر هنيئة ".
قال عون: سيدي أردت أن أحظى منك وأتزود من رؤيتك مرة أخرى، ولا ينبغي أن أعرض دونك وقد أجهدني العطش، إئذن لي حتى أرجع وأفديك بروحي.
فأذن له ورجع، وأمر الحسين (عليه السلام) بأن يركبوه جوادا غير الذي كان تحته، فركب وحمل على القوم، فاعترضه صالح بن سيار، وكان صالح قد شرب خمرا في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأجرى عليه (عون) الحد بأمر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد كمن حقدا لعون في قلبه، فانتهز الفرصة، فرآه جريحا ظمآنا، وحمل على عون وشتمه، فأجابه عون وحمل عليه وطعنه برمحه وأورده جهنم. فأقبل إليه أخوه بدر بن سيار فألحقه عون بأخيه، فحمل خالد بن طلحة بالسيف على عون، وقد كمن اللعين منه فضربه بالسيف، فخر عون صريعا قائلا: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقضى نحبه. (2) انظر أيها المسلم الحر تقابل الخير والشر، واستيقن لأحقية الحسين (عليه السلام) ومظلوميته.
فهل يبقى أقل شك في أن الحسين (عليه السلام) كان امتدادا لحركة جده في إتمام مكارم الأخلاق،

1 - وهو ابن علي (عليه السلام) من أسماء بنت عميس، كما في المصدر المذكور.
2 - معالي السبطين 1: 429، ناسخ التواريخ 2: 339.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»