من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣٢
فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: " يا بني عز على محمد وعلى علي وعلى أبيك، أن تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث بهم فلا يغيثونك، يا بني هات لسانك "، فأخذ لسانه فمصه ودفع إليه خاتمه وقال له: " خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا ". (1) لقد امتزج في علاقة الإمام (عليه السلام) بفلذة كبده علي الأكبر (عليه السلام) كل المطلوب من مبادئ الأخلاق التي أقرها الدين على الابن تجاه أبيه وعلى الأب تجاه ابنه، إنها مبادئ النصرة والطاعة والذوبان والحب والحنان والدعاء والعطف والنظرات المشدودة بينهما حين الوداع الأخير، ذلك هو الجمع بين العاطفة والعقل.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - العواطف العائلية مقدسة ولكنها لا تقدس أكثر من القيم الأساسية في الإسلام.
2 - المبادئ الأخلاقية متدرجة وذات أولويات.
3 - في سبيل الحق الأعظم يرخص كل غال وثمين.
4 - الحديث عند المصيبة لابد أن يكون في أجمل كلمات إيمانية، وهذا يتحقق من خلال مطالعات مسبقة في وعي العقيدة.
E / في الشجاعة والفداء إنه القاسم بن الحسن (عليه السلام) وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلما نظر إليه عمه الحسين (عليه السلام) إعتنقه وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما، ثم استأذن الغلام للحرب فأبى الحسين (عليه السلام) أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبل يديه ورجليه ويسأله الإذن حتى أذن له، فخرج - نحو الجهاد - ودموعه على خديه وهو يتذكر عظمة أخلاق عمه وحنانه الأبوي ورعايته له منذ قتل أبوه الحسين (عليه السلام) وتيتم، وهو يقول:
إن تنكروني فأنا فرع الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن

١ - مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ٢: ٣٠، الفتوح ٥: ١٣٠، بحار الأنوار ٤٥: ٤٢، العوالم ١٧: ٢٨٥، أعيان الشيعة ١: ٦٠٧ وليس فيه من قوله: " مالك " إلى " رسول الله " مقتل المقرم: 325 مع اختلاف الألفاظ.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»