من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٣١
E / في الجمع بين العاطفة والعقل كتب التأريخ: إن أول من خرج من أهل بيته علي بن الحسين الأكبر، وكان علي من أصبح الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وكان عمره تسع عشرة سنة - حسب اختلاف الروايات - أو ثماني عشرة سنة، أو خمسا وعشرين سنة، وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب، فاستأذن أباه - الحسين - بالقتال فأذن له ثم نظر إليه نظر آيس منه وأرخى عينيه فبكى. (1) فلما رآه الحسين (عليه السلام) رفع شيبته نحو السماء وقال: " اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد (2) (صلى الله عليه وآله)، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، اللهم فامنعهم بركات الأرض، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترضي الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا ".
ثم صاح الحسين (عليه السلام) بعمر بن سعد: " مالك؟ قطع الله رحمك! ولا بارك لك في أمرك، وسلط عليك من يذبحك على فراشك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) " ثم رفع الحسين (عليه السلام) صوته وقرأ: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) (3).
ثم حمل علي بن الحسين، وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي والله لا يحكم فينا ابن الدعي * أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف حتى يلتوي * ضرب غلام هاشمي علوي فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم،... روي أنه على عطشه قتل مائة وعشرين رجلا، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال: يا أبت! العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل، أتقوى بها على الأعداء؟

١ - أعيان الشيعة ١: ٦٠٧.
٢ - وفي مثير الأحزان: ٦٨، يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله.
3 - سورة آل عمران: الآية 33 - 34.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»