فأقول: إن القضايا الحقيقية من قبيل (وجوب طاعة أولي الأمر) و (وجوب مبايعة أولي الأمر) تتكون من موضوع وحكم، والحكم هو وجوب الطاعة والبيعة والالتزام بها، وحرمة نقضها، والموضوع هو (أولو الأمر).
والحكم يترتب على موضوعه الحقيقي الموجود في الخارج، أو (الموضوع التقديري)، ولذلك فإن كل قضية حقيقية تنحل إلى قضية شرطية، يكون فيها المقدم: (الشرط) هو الموضوع، والتالي: (النتيجة) هو الحكم، ويكون معنى وجوب طاعة أولي الأمر وجوب الطاعة، إذا تصدى ولي الأمر بحدوده وشروطه الحقيقية لأمر الولاية، وشروطه وحدوده الحقيقية هي التي يحددها الله تعالى على نحو العموم أو الخصوص، ومن دون ذلك لا يكون الشخص المرشح لولاية الأمر وليا للأمر.
والقضية الحقيقية تتكفل لإثبات الحكم عند تحقق الموضوع، فإذا شككنا في موضوع خارجي أنه مصداق للموضوع أو لا، فلا يمكن التمسك بإطلاق الموضوع أو عمومه لإدخال المصداق المشكوك فيه في عموم الموضوع أو إطلاقه.
فإذا أمرنا بمراجعة الأطباء مثلا على نحو العموم أو الإطلاق، في حالات المرض، وشككنا في موضوع خارجي (شخص متصدي للطبابة) أنه طبيب أم لا، فلا يمكن التمسك بعموم مراجعة الأطباء أو إطلاقه لإدخال المصداق المشكوك فيه في الأطباء، ووجوب مراجعته والأخذ بمشورته الطبية.
ولذلك يقول علماء الأصول: أن القضية الحقيقية لا يثبت موضوعها في موارد الشك في المصداق، ولا يمكن التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية، إذا ورد مخصص على العموم، واحتملنا دخول مصداق من المصاديق المشتبه به في المخصص، فيكون خارجا عن العموم، أو في العام فيكون غير مشمول للمخصص.