مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٥٢
وهو قياس غريب، وغرابته أنه قياس مع الفارق، ولا يصح قياس جماعة أو رهط في السفر يتخذون لأنفسهم أميرا، يرجعون إليه فيما يختلفون فيه ب (الأمة) في عرضها العريض في أمر الولاية والإمامة. ولا يمكن أن يكون هذا الحديث وأمثاله سندا ودليلا لمثل هذا الأمر.
على أن مثل هذا التأمير لا يلزم رفقة السفر بالطاعة، بالتأكيد، ولم يخلق الله تعالى بعد، الفقيه الذي يفتي بموجب هذه الرواية بحرمة مخالفة الأمير الذي يختاره الثلاثة أو الأربعة من بينهم، ووجوب طاعته في كل شئ يختلفون فيه من أمور السفر.
إذن هذه الطاعة من الطاعة التطوعية غير الملزمة حتى في موردها، فضلا عن الموارد إلى تقاس بها، والإمارة غير ملزمة.
6 - تأمير الخلفاء الثلاثة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
وروى أحمد بن حنبل في المسند (1 / 175 ح 861) في مسند علي عليه السلام قال: قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من يؤمر بعدك؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة. وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا، لا يخاف في الله لومة لائم. وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه، ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا، يأخذ بكم الصراط المستقيم.
وأمارات الوضع على هذه الرواية أوضح من أن تخفى.
ولست أعرف موقعا لكلمة (ولا أراكم فاعلين) فإن كان المقصود الإمارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة فهذه الكلمة لا تخص عليا عليه السلام وحده، وإنما تشمل الخليفة الثاني والثالث أيضا وإن كان المقصود بالخلافة مطلقا، فقد فعل الناس ذلك، وأمروا
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»