فإن علماء الأصول يذهبون، قولا واحدا، إلى عدم جواز التمسك بالعموم في مثل هذه الموارد إذا كانت الشبهة في المصداق.
والأمر في الأوامر الواردة بطاعة أولي الأمر، ومبايعتهم، والالتزام ببيعتهم، وحرمة نقضها كذلك... ليس فيها أية دلالة إطلاقا على وجوب طاعة المتصدين لولاية الأمر، وشرعية ولايتهم ما لم يرد إذن صريح من الله تعالى بولايتهم.
فإذا شككنا في هذا الإذن للشخص المتصدي للولاية (على نحو الشك في الانطباق والمصداق) انتفى الحكم بالطاعة قطعا. فلا يشمل الأمر بطاعة أولي الأمر إلا الذين نعلم بأن الله تعالى أذن لهم بالولاية، وولاهم أمور الناس، ولا يمكن الاستناد إلى هذه الآية في الحكم بطاعة المتصدين للحكم، ما لم نعلم انطباق الإذن بالولاية عليهم، وما لم يرد نص صريح عموما أو خصوصا من الله تعالى أو رسوله بتنصيبهم أو تأهيلهم للحكم، وليس فيما بين أيدينا مما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا النص.
5 - نصوص التأمير:
روى أبو داود في السنن عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم (1) وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم (2).
فإن هذا (التأمير) من التفويض في التأمير، والتفويض تام بنص صريح من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما يصح في ثلاثة في سفر يصح في الجماعة في سفر وحضر، وما يصح في الجماعة يصح في الأمة.