مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٤٧
3 - أصالة اللزوم في العقود:
وتعتمد هذه النظرية شرعية وأصالة اللزوم في كل التزام وعقد، إلا ما خرج بدليل، انطلاقا من قوله تعالى (أوفوا بالعقود)، والوفاء بالعقد هو الالتزام به ولزومه من الناحية الشرعية.
والأمر بين الأمة والإمام عقد شرعي قائم بطرفين هما الأمة والإمام، ومضمون هذا العقد الطاعة من طرف والعدالة ورعاية مصالح الأمة من جانب آخر، فيتعهد الإمام للأمة برعاية مصالح الأمة والعدل بين الرعية، وتتعهد الأمة له بالطاعة. وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالوفاء بالعقود.
مناقشة نظرية العقد:
تعتمد هذه النظرية سلطان الإنسان على نفسه وماله، فإذا كان الإنسان يملك نفسه وماله جاز له أن يعطي حق السيادة على نفسه للحاكم بموجب عقد واتفاق فيما بين الأمة وبين الإمام. وعندئذ لا يصح له أن يتراجع عن قراره، ويلزمه هذا العقد بموجب قانون وجوب الوفاء بالعقود المستخرج من آية الوفاء بالعقود في القرآن في سورة المائدة.
ولكننا نشك في الأصل الذي يعتمده قانون شرعية العقد وأصالة اللزوم في العقود، وهو سلطان الإنسان على نفسه. فقد سبق أن ناقشنا قاعدة التسليط ودلالتها على مبدأ التفويض. ولا يصح من العقود ولا يلزم إلا ما جعل الله تعالى للإنسان فيه سلطانا عليه. فما ملك الله عباده من أنفسهم وأموالهم وسلطهم عليه صح لهم أن يتنازلوا عنه ويمنحوه لمن يشاؤون بالعقود والاتفاقيات، ولزمهم الوفاء بالعقد، وما لم يملكهم الله تعالى، ولم يسلطهم عليه من أنفسهم وأموالهم، فلا يصح لهم أن
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»