لشرعية الاختيار، فلا يمكن أن يضيع مثل هذا النص، الذي اعتمده المسلمون منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى نهاية عصر الخلافة في شرعية أمر الاختيار، والشرعية السياسية لولاية الخلفاء الذين تولوا أمور الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولذلك نقول: إن عدم وجود دليل على التفويض في مثل هذه الحالة دليل على عدم التفويض.
قراءة في أدلة التفويض نقصد بالتفويض: أن يفوض الله تعالى أمر اختيار الإمام إلى الناس بشروط وأوصاف عامة تحددها النصوص الشرعية.
ولما كان أمر اختيار الإمام من شؤون الله تعالى وحده، وليس لأحد من دون الله أن يختار لنفسه أو لغيره إماما، ولم يثبت للناس ولاية وسيادة على أنفسهم كما في (الديمقراطية)... فلا بد أن يكون تفويض هذا الحق من الله تعالى إلى عباده بنص صريح من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس من دون ذلك سبيل إلى إثبات مثل هذا التفويض.
وقد استعرضت المناهج الفقهية والأصولية والكلامية التي يذكرها الفقهاء والمتكلمون لإثبات التفويض، كما استعرضت نصوص باب الإمارة والولاية في كتب الحديث، والأبواب المقاربة لها، فلم أجد دليلا مقنعا، ولا نصا في التفويض، بالمعنى الدقيق لكلمة النص.
وبين يدي طائفة من الأدلة والنصوص التي قد يتمسك بها على التفويض، وهي أهم ما في هذا الباب، وأكثر ما يمكن التمسك به، أوردها فيما يلي لنتأمل فيها.
وسوف أتحدث عن أدلة التفويض في مرحلتين: