الأكثرية التي تختار إماما لنفسها والأقلية التي ترفضه، فتنفذ القاعدة في الأكثرية، ونلغيها في الأقلية، بحكم العقل، بادعاء أن هذه القاعدة ليست قاعدة عقلية آبية للتخصيص، وإنما هي قاعدة شرعية تقبل التخصيص بحكم العقل.
فإذا كان تطبيق القاعدة في مورد الأكثرية والأقلية مجتمعين يؤدي إلى خلل وفساد في المجتمع، فإن العقل يحكم بضرورة إلغاء القاعدة في مورد الأقلية، وتخصيصها بالأكثرية.
أقول: لا يمكن الدفاع عن تطبيق قاعدة التسليط على الإمامة بمثل هذا الدفاع، وذلك لأن لإلغاء حق الأقلية في اختيار الإمام وجها آخر لا يمكن توجيهه، وهو تحكيم إرادة الأكثرية السياسية على الأقلية. فإن الحاكم المرشح من قبل الأكثرية يحكم الأقلية بالضرورة، وهو بمعنى تحكيم إرادة الأكثرية على الأقلية... وهذا شئ آخر غير إلغاء حق الأقلية في اختيار الإمام وحرمانها من ممارسة حقها في اختيار الإمام، والتفكيك في تطبيق قاعدة التسليط بين الأقلية والأكثرية.
وبتعبير آخر: هو نحو من ولاية الأكثرية على الأقلية، ولا يتم بناء على المنطلق (التوحيدي) الذي انطلقنا منه إلا بتفويض من الله تعالى للأكثرية في اختيار الإمام للأقلية، بل في اختيار الإمام للجيل القابل الذي يواجه أمرا واقعا لم يشترك في تقريره واختياره، ولم يؤخذ برأيه فيه.
فنعود مرة أخرى إلى مسألة (التفويض) من جانب الله للأكثرية في تقرير مصير الأقلية، ومصير الجيل القادم الذي لم يبلغ سن النضج الشرعي بعد، ومن دون إثبات هذا التفويض من جانب الله تعالى لا يحق للأكثرية إلزام الأقلية بولاية شخص، ولا يحق لها إلزام الجيل المقبل برأيها وقرارها.