مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
كما رغبهم إلى بعض أنواعه الأخرى الا انه لا ريب في أن شغل القلب بالله تعالى والانصراف من كل شئ إلى الله والانقطاع به ممدوح شرعا وكلما كان ملازمة النفس بذكر الله تعالى ومداومته به أقوى وأتم كان العبد إلى الله أقرب ولو كان جايزا في حكمة الله تعالى ان لا ينصرف عبده إلى غيره مما يتوقف به نظام العالم ويدور مداره ابتلاء الخلق لكان اللازم على العبد ان لا ينصرف منه إلى غيره، فعلى هذا نقول: ان حب الأهل والمال والولد ليس مذموما بالاطلاق الا ان الاشتغال التام بالله تعالى وشغل القلب بمحبته في بعض الأحوال ومثل المقام الذي تشرف به موسى على نبينا وآله وعليه السلام ممدوح بل لازم من لوازم العبودية ومعرفة الربوبية وينبئ عن ذلك كله قوله صلى الله عليه وآله (لي مع الله وقت لا يسعه ملك مقرب ولا نبي مرسل) وقوله في الحديث القدسي (انا جليس من ذكرني) وقوله صلى الله عليه وآله (من ذكر الله في السوق مخلصا عند غفلة الناس وشغلهم بما فيه كتب الله له الف حسنة ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر).
وثالثا: دعواه ان جعل (نعليك) كناية واستعارة عن حب الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة ولا قرينة فيها، ان الظاهر أن هذه الاستعارة كانت معهودة عند أهل اللسان، بل وغيرهم من سائر الألسنة ولذلك حكى ان أهل تعبير الرويا يعبرون النعلين بالأهل وفقدانها بفقدان الأهل، مضافا إلى أنه يكفي في القرينة كون النعلين من اللباس واطلاق اللباس على الزوجة (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، وأوضح ذلك كله ان السؤال في حديث سعد وقع عن تأويل الآية لا عن تفسيرها ولذا لا ينافي ذلك التأويل كون المراد بالنعلين ما يراد بها في العرف واللغة، كما لا ينافي أيضا لو كان المراد من ظاهر الآية
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»