الخالق على وجه ومحبة الخلائق على وجه، ولا يزاحم الثاني الأول ولا ينقصه، كيف وقد قال نبينا صلى الله عليه وآله وهو أكمل الرسل وأفضلهم (حبب إلى من دنياكم ثلاث: النساء الخبر) وقال الصادق عليه السلام (من الأخلاق (أخلاق ظ) الأنبياء حب النساء) وقال عليه السلام:
ما أظن رجلا يزداد في الايمان (أو في هذا الامر) خيرا الا ازداد حبا للنساء وانما المذموم حب يوجب مخالفة امره تعالى ونهيه، قال عز وجل: (قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم إلى قوله: أحب إليكم من الله ورسوله الآية) مع أن جعل (نعليك) كناية واستعارة عن حب الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة ولا قرينة، مع أن الامر بالنزع لو كان المراد بالنعلين حب الأهل كان للدوام وينافيه تعليله (انك بالواد المقدس طوى).
أقول: أولا ان توهم التخالف والتعارض بين مثل حديث سعد الذي يستفاد منه الترغيب إلى الاخلاص في المحبة وكمال التوحيد فيها وما ذكره من الآيات ناش من عدم التأمل في المراد من الطائفتين من الآيات والأحاديث، فالطائفة الأولى تنظر إلى مقام اندكاك كل محبة ومحبة كل شئ في محبة الله، فلا محبوب للمحب الا هو فكل حب ومحب يفنى عنده فلا يرى شيئا ولا يحب أحدا سواه ولا يلتفت إلى رويته ما سواه وحبه ما سواه، كما إذا كان الانسان مشغول القلب بالتفكر في امر ينسى ما سواه حتى نفسه وحتى ينسى اشتغاله بالتفكر فيه، ولما كان موسى عليه السلام في هذا المشهد العظيم مشتغل القلب بأمر أهله لأنه جاء ليقتبس نارا وأمرهم بالمكث لان يأتيهم منا بقبس امره تعالى بان يفرغ قلبه له ولما يوحى إليه في هذا المشهد المقدس، فالوصول بهذه المرتبة الرفيعة يناسب ترك الاشتغال بغير الله تعالى والتوجه إلى غيره والى محبة الأهل والولد وعلى هذا الشأن وأعلى مرتبته كان رسول الله صلى الله عليه وآله في حال نزول الوحي إليه وغيره من