مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
خوافي الأرض، وتتبع أقاصيها، فان لكل ولى لأولياء الله عز وجل عدوا مقارعا وضدا منازعا، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق وخلاعة أولي الالحاد والعناد فلا يوحشنك ذلك.
واعلم أن قلوب أهل الطاعة والاخلاص نزع إليك مثل الطير إلى أوكارها وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة، وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، واستنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد، خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العز في دار القرار، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى، وكرامة حسن العقبى.
فاقتبس يا بنى نور الصبر على موارد أمورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العز فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبه ان شا الله، وكأنك يا بنى بتأييد نصر الله (و) قد آن، وتيسير الفلج وعلو الكعب (و) قد حان، وكأنك بالرايات الصفر والاعلام البيض تخفق على أثناء اعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنك بترادف البيعة وتصافي الولا يتناظم عليك تناظم الدر في مثاني العقود، وتصافق الأكف على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفنائك من ملا براهم الله من طهارة الولادة ونفاسة التربة، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم يدينون بدين الحق وأهله، فإذا اشتدت أركانهم، وتقومت أعمادهم فدت بمكانفتهم طبقات الأمم إلى امام، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعبت أفنان غصونها على حافاة بحيرة الطبرية فعندها يتلألأ صبح الحق وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان، ويعيد معالم الايمان، يظهر بك استقامة الآفاق وسلام الرفاق، يود الطفل في المهد لو
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»