مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٢٧
مصلحة أخرى وهي حفظ كيان الاسلام ودفع الخطر عنه عدم قيام الولي مطالبة الامر بالمحاربة والقوة، فتأخر تحقق هذا الامر لهذه المصلحة ومصالح أخرى من امتحان العباد وغيره مما لا نحيط به، والله أعلم به.
وبعبارة أخرى: لاشك في أن اصلاح حال العباد وقيام الأمور بالقسط منوط بكون إدارة الأمور والولاية عليها لمن له الولاية عليها من قبل الله تعالى، وحيث لا يعرف من له هذه الأهلية واللياقة الا الله تعالى، يجب على حسب قاعدة اللطف وغيرها تعيين من يلي الامر بعد النبي ونصبه، فلا يجوز اهمال هذا الامر الخطير مع دخله العظيم في تحقق أهداف النبوات ورسالات السماء، وتوقف كمال الدين وتمام النعمة عليه، قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) وقد نص النبي صلى الله عليه وآله بأمر الله تعالى على ولاية الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام حفظا لهذه المصلحة، ولئلا يكون للناس على الله حجة، وقد اقتضت تحقق هذا الامر بعد النبي صلى الله عليه وآله أسبابه ومقتضياته، وكانت الأمور تجرى على مجراها الذي ينتهى إلى ذلك، لولا مخالفة الفئة المنافقة وحزب الشيطان، الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته فهتكوا حرمته.
وعلى هذا يصح ان يقال: ان الامر أي كون الولاية بعد النبي لأمير المؤمنين عليهما السلام، وان كان من الأمور الحتمية المتحققة له عليه السلام بنصب النبي صلى الله عليه وآله إياه، بل كانت متحققة له قبل ذلك وكان نصب النبي صلى الله عليه وآله اعلاما بهذا الامر المتحقق، الا ان ميعاد تحققه الظاهري كان عند ارتحاله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى ولكنه منع من ذلك ما صدر من المخالفين وطلاب الرياسة من الاجتماع في السقيفة ونقض البيعة، وبعد قيام من لم يكن له أهلية القيام بهذا الامر الخطير ولم يعينه النبي صلى الله عليه وآله، وبعد ظهور مفاسده تحققت أسباب ذلك فقام أمير المؤمنين مولانا أبو الحسن عليه السلام بالامر فجاهد في الله حق جهاده، الا ان بقية الفئة المنافقة ومحبي الدنيا والرياسة حالوا بينه وبين الأمور، فانشغل بدفع مكايدهم عن الاسلام واخماد فتنهم، إلى أن استشهد عليه السلام بضربة أشقى الأولين
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»