بعض ما يمنع منه، وان قيل: ان النبي والولي كانا عالمين بما أخبرا به.
يقال: من أين حصل لهما العلم بذلك مع علمهما بامكان وقوع البداء فيه ومضادة هذا العلم مع العلم بما أخبرا عنه.
أقول: الجواب عن هذه الشبهة بعد الغض عن ضعف هذه الروايات من حيث السند والمتن، وعدم جواز الالتزام والاعتقاد بمفادها وان كان يظهر مما ذكرناه من قبل.
أولا: انا لا نسلم منافاة الاخبار بأمر اتفق عدم وقوعه لعدم حصول شرطه أو وجود مانعه لمصلحة النبوات، وقاعدة اللطف، بعد ما ظهر وجه ذلك، وسيما إذا كانت فيه مصلحة أخرى أيضا من مصالح النبوات، مثل توجيه الناس إلى المعارف الإلهية، وصفاته الجلالية والجمالية وتقوية الوعي الاعتقادي وبصيرة الواعين في الايمان بالله وصفاته الكمالية، وانه لم يزل ولا يزال قادر ورحمان، وتواب كريم، غفار، وهاب، لا يشغله شان عن شان، وانه المفزع في كل نائبة، مفرج الهموم، وكاشف الغموم، يعفو ويصفح، ويفعل ما يريد، حتى لا يزعم من قلت بصيرته انه فرغ من الامر وفوضه إلى ما يرى ويتولد من الأسباب والفواعل الظاهرة على سبيل التسلسل فيستند الأفاعيل إليها على سبيل الحقيقة على نحو لم يكن لله تعالى فيه تدبر، ومشية، فيقول بمقالة اليهود.
قال الله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان).
وقال عز شانه: أفرأيتم ما تمنون أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون.
وقال سبحانه: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون.
وقال تعالى جده: أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون.
وعلى هذا، لا يحكم بقبح الاخبار عن امر لا يقع بالبداء إذا ظهر وجه الحكمة فيه، ونمنع كونه سببا لتنفر الناس عن النبي، أو الامام الذي ثبت نبوته، أو إمامته بالمعجزة والنص، بل ربما يكون ظهور الامر للناس، وان ما أخبر به كان لازم الوقوع لولا انتفاء شرطه أو حدوث مانعه سببا لقوة ايمانهم، وكمال رغبة النفوس إليه، لان أقل ما يستفاد من ذلك هو انه مطلع على المغيبات التي ربما لا تتحقق بالبداء.
وثانيا نقول: ان الكذب ليس من العناوين المقبحة بالذات، كالظلم الذي يحكم العقل بقبحه الذاتي; وبنفس عنوانه كيف اتفق، وفى أي زمان اتفق، وعلى أي وجه، وفى