بدلالة هذه الأخبار به مع علمهم بعدم تحققه لوقوع البداء فيه، هو بيان ان عدم ظهور الامر وتمكن الأئمة من القيام بالامر راجع إلى الناس، ووجوده لطف وتصرفه لطف آخر، وعدمه منا.
وأن تكون هذه الأخبار تسلية للمؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله وغلبة الحق ونصرة الدين وأهله، فأخبروا الشيعة بجواز حصول الفرج والخلاص من حكومة الجبابرة والطواغيت في بعض الأزمنة لحصول مقتضيه، وان كانوا عالمين بما يمنع تحقق ذلك، ولذا أرشدوهم إلى أن ذلك قد لا يتحقق لقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).
والحاصل ان هذه الأخبار انما صدرت لأجل تأليف القلوب، وتقريبا للفرج، ومنعا لاستيحاش الناس لو قيل لهم بأنه لا يتحقق الا بعد الف أو الفين من السنين مثلا، وقد صرحت بعض الأحاديث بهذه الفائدة.
وثالثا فرق واضح بين القول: بعد كذا رخا، وبين القول: بان الرخاء بعد كذا.
وما يستفاد من بعض هذه الأحاديث بل صريح لفظه هو الأول وان بعد كذا يكون رخا، ومثل هذا ليس اخبارا عن تقدم امر الفرج العام الشامل لجميع البشر بظهور الإمام المنتظر عليه السلام.
ورابعا نقول: يجوز ان يكون الامر الذي جاء في هذه الأحاديث قد وقت له أوقات بحسب الأسباب التي هي واقعة تحت اختيار المكلفين وكان تأخره لعدم تحقق تلك الأسباب بسوء اختيارهم، كما أشرنا إليه.
أو نقول كما يستفاد من شيخ الطائفة قدس سره أيضا: ان المصلحة اقتضت تحقق الامر في وقت من الأوقات مشروطة بان لا يتحقق ما يقتضى المصلحة تأخيره إلى زمان آخر ولا يقع فيه ما يقتضى أيضا تأخيره، والا فيؤخر الله تعالى إلى ذلك الزمان.
فالمصلحة قد اقتضت وقوع هذا الامر إلى امر إدارة أمور الأمة وتدبير شؤونها السياسية والاجتماعية وغيرهما من حين ارتحال الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله إلى الرفيق الأعلى تحت يد من نصبه الله تعالى وليا على الأمور، وجعله حجة على عباده فلما وقع ما وقع لم يتحقق الامر كما اقتضته المصلحة الأولى. واقتضت