مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
ان قلت فما تقول في النسخ فإنه واقع في التشريعيات مما نص عليه النبي الذي نسخ بعض احكام شرعه من التكليفات أو الوضعيات بل ربما وقع ذلك في شرع نبي واحد فكان الحكم في موضوع في برهة من عصر نبوته تحريمه ثم نسخ وجا الوحي بوجوبه أو اباحته.
قلت: النسخ ليس من البداء الذي قرر ناصحته في التكوينيات بل اظهار الحكم في موضوع يظن استمرار حكمه السابق وان شئت قلت هو رد حكم العقلا أو بنائهم باستمرار حكم المولى ما لم يرد منه بيان انتهائه فإذا قال المولى أكرم العلماء فكما ان له عموم أفرادي يشمل به الحكم جميع افراد العلماء وليس اخراج بعض افراد العلماء منه بالمخصص المنفصل أو المتصل نسخ الحكم. كذلك له عموم أزماني شامل لجميع الأزمنة وليس اخراج بعض الأزمنة منه بالدليل المتصل أو المنفصل نسخ لهذا الحكم بل في كل منهما دليل على أن شمول الحكم الذي أنشأ ضربا للقاعدة والقانون للمورد المخصص لم يكن المراد الجدي للمتكلم.
هذا ويمكن ان يقال ان العموم بالنسبة إلى افراد العام يستفاد من اللفظ بخلافه بالنسبة إلى الأزمان فلا دلالة للفظ بإحدى دلالاته الثلاث عليه بل مستند ذلك اما بنا العقلا على الاستمرار أو حكمهم بالاستمرار وبقاء الحكم فالأول انما يثبت الحكم به على جميع افراد العام بالحجة اللفظية، والثاني بالحجة العقلية ليس في موردها دليل قطعي أو الظهور اللفظي الحجة على أن الحكم كان كذا حتى يكون أنشأ حكم آخر نسخا له فتدبر جيدا.
نعم إذا دل دليل بالخصوص على حكم في مورد خاص مثل وجوب صلاة الظهر ثم جاء دليل آخر على نسخ هذا الحكم قبل مجئ وقت العمل به فللبحث فيه من جهة البداء مجال الا انه لم يقع مثله في التشريعيات والموارد التي توهم ذلك فيها مثل امر إبراهيم الخليل عليه السلام بذبح ابنه لم يكن الامر بها حقيقة بل كان الامر بها على بعض المقدمات أو فهم بالقرينة عدم جد الامر في امره، وان ارادته لم تكن جدية وانما امر بما امر لمصالح أخرى واما اخراج بعض افراد الظهر مثلا من دليل وجوب صلاة الظهر
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»