ويدل على أن العلم يطلق على ما في الكتاب وما يحكى عنه، قوله تعالى (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا). فان العلم الذي طلب منهم اخراجه ليس ما هو من الكيفيات النفسانية بالنسبة إلينا بل انما أريد منه ما عندهم من الكتب والآثار.
فتلخص من جميع ما ذكرناه عدم دلالة هذه الأخبار على حصر علم النبي والأئمة عليهم السلام بالمغيبات فيما أخبروا عنه، هذا مضافا إلى عدم معارضتها مع الأخبار المتواترة الدالة على علمهم بها سواء في ذلك ما أخبروا عنها وما لم يخبروا عنها.
ان قيل: كيف يوجه مع القول بالبداء، اخبار الأنبياء والأولياء بل واخبار الله تعالى عن المغيبات وما يقع في مستقبل الزمان لجواز وقوع البداء فيها.
أقول: أولا: ان بعض الأمور ليس من الأمور الموقوفة فلا يجئ فيه البداء.
وثانيا: جواز وقوع البداء في امر، غير وقوعه أو لا وقوعه فيه وكون امر موقوفا على امر لا يلازم وجود الموقوف عليه، فيجوز الاخبار بوقوع امر بدائي موقوف لتعلق العلم بوقوعه وعدم وقوع البداء فيه، كما يجوز الاخبار بعدم وقوعه في الظرف الذي اقتضت الأسباب الظاهرة وقوعه للعلم بوقوع البداء فيه، وكون وقوعه موقوفا على امر يعلم عدم تحققه، فكما يجوز الاخبار عن المغيبات التي لا يتطرق فيه البداء، يجوز الاخبار عن وقوع الأمور البدائية أو لا وقوعها.
ان قيل: ما قلتم يرفع الاشكال إذا لم يقع البداء فيما أخبروا عنه، وأما إذا وقع فيه البداء وخالف الواقع الخبر كما روى ذلك في عدة من الروايات، كيف يوجه ذلك فإنه ينافي مصلحة النبوات وقاعدة اللطف، ومستلزم لنقض الفرض، وتنفر الناس عن المخبر، واستنكارهم عليه، وتقبيحهم إياه.
فان كان النبي أو الولي غير عالمين بما أخبرا عنه ولو باحتمال وقوع البداء فيه فكيف يجوز لهما الاخبار عنه من غير أن يشترطاه بالبداء وكونه متوقفا على عدم حدوث