مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
والذي يقال في هذه الأحاديث أولا: ان المخبر عنه فيها ليس من الأمور المحتومة التي ليست فيها البداء، وانما كان من الأمور الموقوفة كما يدل عليه نفس ما في هذه الأخبار من ظهور الحقيقة وانكشاف الواقع على نحو لا يكذب به النبي، ولا يبقى لذي مقال مقالا بل يقوى اعتماد الناس به.
وثانيا ما في هذه الأحاديث من الاخبار ببعض الوقايع ليس من الأمور التبليغية التي هي من وظايف الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وما يدور مدارها وجود مفهوم النبوات والانباء عن الله تعالى والسفارة بين الخالق والخلق، واتمام الحجة على العباد، وغير ذلك مما تقتضيه مصلحة النبوات وقاعدة اللطف وغيرها من القواعد العقلية التي يثبت بها لزوم بعث الرسل وانزال الكتب وهداية الناس وتبليغهم وارشادهم إلى كل ما يقربهم إلى الجنة، ويبعدهم عن النار.
ويؤيد هذا ما في نفس هذه الأخبار مثل خبر العيون فإنه لو لم يحمل ما علمه الله تعالى ملائكته ورسله على ما علمهم من الأمور التبليغية وما هو من شان الرسل الاخبار به يقع التنافي بين قوله عليه السلام وعلما علمه ملائكته ورسله.. وما روى فيه عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله ويرفع التنافي برفع اليد عن عموم ما علمه الله تعالى وتخصيصه بغير مثل قضية النبي المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله في نفس هذا الحديث التي هي قرينة على عدم شمول عمومه لمثل ما في هذه الأحاديث فتدبر.
وثالثا: الاخبار بما في هذه الأحاديث كان بعد ثبوت نبوتهم بالمعجزات والبينات، وبعد ذلك لا يضر وقوع مثل ما في هذه الأحاديث بأمر نبوة ولا يضعف به الايمان بصدقهم، سيما بعد ما في هذه القصص من الشاهد على أن الاخبار بها لم يكن جزافا وكذبا.
هذا وقد تلخص من جميع ما ذكر ان ما نص عليه الله تعالى وأنبياؤه والأئمة الطاهرين من الأمور الاعتقادية والمطالب الدينية لا يقع فيها البداء، يجب ان يقع الاخبار بهذه الأمور كما أخبر بها البتة، والا لاختل نظام النبوات ويترتب عليه مفاسد كثيرة
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»