مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣١٤
ويبدو أنه وإن كان الموت بسبب ارتكاب القتل وتأثير فعل القاتل في القتل، مقررا في نظام كل العالم الذي هو خلق الله وفعله، إلا أن هذا الفعل ينسب إلى الفاعل، وإن كان الفعل صادرا من الفاعل بالقدرة التي منحها الله، وكان تأثيره أيضا وفقا للنظام الذي قرره الله سبحانه.
لا يقال: فما تقولون: إذا في معنى قوله تعالى: (يحيي ويميت)؟.
والجواب: أن جريان الموت والحياة في الكائنات على الدوام، في جسم الإنسان، وفي خلايا الإنسان والحيوانات وجميع الموجودات الحية، حتى النباتات، فالأرض تحيا بالربيع ثم تموت في فصلي الصيف والخريف تدريجا، والله يميتها ويحييها بحكم الآية الكريمة (واعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) (1) إن آثار إماتة الله وإحياءه واسعة وكثيرة إلى درجة لا يتم شرحها وبسطها بكتابة مجلدات كثيرة! كما أن أسرار هذا الإحياء والإماتة في غاية من الغموض والكثرة إلى درجة يجد البشر نفسه معها - على الرغم من جده واجتهاده وبحثه في كائنات هذا العالم - ما يزال في المرحلة الابتدائية من الدراسة، وفي صفها الأول.
فالله سبحانه المميت والمحيي وهو يميت ويحيي، ولكن الفلاح مثلا ينثر حب الحنطة أو البذور الأخرى ويحرث الأرض ويسقيها، والله هو الذي ينمي الزرع وهو الزارع الحقيقي كما قال سبحانه في كتابه (أفرأيتم ما تحرثون؟ أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)؟ (2) ولكن هناك فرقا بين من ينثر الحب ويحرث الأرض أو يغرس الشجر، وإن كان الله ينمي كل ذلك، ويهبه النضرة والخضرة، ويونعه بالأزهار والأثمار... وبين من يهلك الحرث ويحرقه ويقطع الشجر، فهذا الأمر وإن كان بسبب القوة التي منحها الله إياه، وما أودعه من أثر في الآلات، لكن ذلك لا يسند إلى الله تعالى ولا يكون في صالح العبد دائما.

(1) الحديد - 17 (2) الواقعة - 64
(٣١٤)
مفاتيح البحث: القتل (3)، الموت (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»