مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣١٨
ويحتمل أن يكون المراد منه سجل الأعمال، أو يكون المراد جزاء العمل والثواب، أو العقاب عليه. فكل هذه الأمور محتملة، ولا ينبغي أن يقال: إن الصوت لا يسمع في ذلك العالم، مع أنه قد أمكن سمعه في هذا العالم.
والخطأ الذي وقع فيه بعض المتكلمين هو أن هذه الأمور التي أخبر عنها الوحي والنبي (صلى الله عليه وآله)، جعلوها محلا للمناقشة والرفض والقبول بسلسلة من المعلومات الناقصة عندهم، ثم أرادوا أن يزنوا الأشياء الضخمة الهائلة، بميزان توزن فيه الأشياء اليسيرة، شأن من يريد أن يزن الكرات والمجرات بميزان أعده للبطيخ مثلا، أو العكس من ذلك، كمن يزن الذهب بميزان توزن فيه الصخور والجبال!!
وعلى كل حال فإن الصدوق والمفيد كليهما متفقان على أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) هم المتولون أمر الحساب.
الاعتقاد في الجنة والنار وجهتا نظر هذين العلمين متقاربتان في كتابيهما، في ما يتعلق بالجنة والنار، وفي كل من الكتابين تفاصيل لم يذكر بعضها في الكتاب الآخر، فما هو ثابت من هذه التفاصيل بموجب الآيات والأخبار الصحيحة فهو حق وإن لم يجب الاعتقاد به، لكن إنكاره بل الشك فيه بعد الاطلاع على موارده ومصادره غير جائز.
والأمر الذي لا يوافق الشيخ المفيد فيه أبا جعفر الصدوق، هو أن الصدوق جعل أهل الجنة أنواعا (على مراتب منهم المتنعمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته الخ...)، ورد ذلك المفيد بقوله: (وقول من زعم أن في الجنة بشرا يلتذ بالتسبيح والتقديس من دون الأكل والشرب، قول شاذ عن دين الإسلام، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الذين زعموا أن المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنة ملائكة لا يطعمون ولا يشربون ولا ينكحون) ثم عقب على ذلك مستشهدا بآيات من
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»