مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
الاعتقاد في العقبات خلاصة رأي الشيخ أبي جعفر الصدوق في العقبات على طريق المحشر أنها (اسم كل واحدة منها اسم على حدة، اسم فرض أو أمر أو نهي، فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها الفرض وكان قصر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحق الله، فإن خرج منها بعمل صالح قدمه أو برحمة تداركه، نجا منها إلى عقبة أخرى، فلا يزال يدفع من عقبة إلى أخرى، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء، وإن لم ينجه عمل صالح ولا أدركته من الله تعالى رحمة، زلت به قدمه عن العقبة فهوى في نار جهنم، (نعوذ بالله منها) (1).
ثم قال: (وهذه العقبات كلها على الصراط، اسم عقبة منها الولاية، يوقف جميع الخلائق عندها، فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) من بعده، فمن أتى بها نجا وجاز، ومن لم يأت بها بقي فهوى الخ...).
أما خلاصة رأي المفيد هي قوله (ليس المراد بها جبال في الأرض تقطع، وإنما هي الأعمال شبهت بالعقبات، وجعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلصه من التقصير في طاعة الله تعالى كالعقبة التي يجهد صعودها وقطعها)، واستشهد بقول الله تعالى (فلا اقتحم العقبة وما أدريك ما العقبة فك رقبة) (2) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) (إن أمامكم عقبة كؤودا، ومنازل مهولة، لابد من الممر بها، والوقوف عليها، فإما برحمة من الله نجوتم وإما بهلكة ليس بعدها انجبار).
ونقول تعقيبا على ذلك، إن استظهار أبي عبد الله المفيد لطيف في حد نفسه، إلا أنه غاية ما يمكن أن يقال هنا: إن استظهار الشيخ أبي جعفر لا يرجح عليه، وكل على استظهاره! لكن الاستدلال على ذلك، بالاستناد إلى ما ظنه الحشوية، وأن الحكمة لا تقتضي هذه العقبات، ولاوجه لخلق عقبات تسمى بكذا وكذا... فذلك موقوف على إحاطة الإنسان بجميع الحكم من الأفعال الإلهية، والمعيار هنا هو أولا: وجود خبر معتبر وصحيح، ثانيا: الترجيح العرفي لأحد الاستظهارين. والله سبحانه هو العالم.

(1) مقاطع من أقوال الصدوق في باب الاعتقاد في العقبات.
(2) البلد - 13
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»