مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣١٣
وأما التعريف الذي ذكره المفيد للحياة وهو (ما كان بها النمو والإحساس، وتصح معها القدرة والعلم)، فليس تعريفا لحقيقة الحياة أيضا، بل هو تعريف لأثر الحياة وحقيقة الحياة، حسب اعتقاد بعض من الأمور المجهولة أيضا.
وبناء على هذا فإن تعريف الموت بأنه (ما استحال معه النمو والإحساس) ليس تعريفا لحقيقة الموت أيضا، نعم لو قلنا: إن الموت: هو انعدام الإحساس واستحالة النمو والعجز عن الحركة، والحياة: هي النمو والإحساس أنفسهما، فقد عرفنا لفظي الحياة والموت ظاهرا دون حقيقتهما.
وأما ما قاله أبو عبد الله المفيد: (وليس يميت الله عبدا من عبيده إلا وإماتته أصلح له من بقائه، ولا يحييه إلا وحياته أصلح له من موته، وكل ما يفعله الله تعالى بخلقه فهو أصلح لهم وأصوب في التدبير)، فمراده غير واضح عندنا، وبديهي أن (كل ما يفعله الله تعالى بخلقه فهو أصلح لهم وأصوب في التدبير)، فهو مسلم وثابت في نظام (الكل) وكل النظام، ولا ريب فيه، والإحياء والرزق والخلق ومثل هذه الأمور التي تعطى، هي في صالح العباد جميعا.
أما إذا كانت (إماتة العبد) المقصود منها الإماتة عند الأجل المسمى، فهذه هي الإماتة التي في صالح العبد، ولكن إذا أريد بها ما يشمل غير الأجل المسمى، أيضا من أسباب يحصل بها الموت كالقتل ظلما مثلا فتصور هذه الإماتة في صالح العبد هو في منتهى الإشكال!.
ومما لا ريب فيه، أنه قد قدر في نظام الخلق أن يحصل الموت بالأسباب العدوانية أيضا، والمصلحة الكلية تقتضي ذلك، أما أن المصلحة الشخصية تقتضي ذلك أيضا فهذا مشكل جدا... وأكثر إشكالا من ذلك أن يقال أو يحكم: بأن جميع الهالكين بالحوادث المختلفة من زلازل، أو حوادث دهس، أو انهدام، أو غرق أو افتراس حيوان، كل ذلك من مصلحة الشخص، فذلك محل تأمل حتى لو قلنا: بأن الله يتدارك الضرر الوارد على الشخص، فإن نسبة مثل هذه الإماتة إلى الله تختلف عن نسبة الشرور والسيئات إليه تعالى...
(٣١٣)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)، الموت (8)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»