مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣١٧
في باب الحساب والميزان لا يظهر في هذا الباب اختلاف بين هذين العالمين العلمين أيضا، إلا أن الشيخ أبا عبد الله في كتابيه (تصحيح الاعتقاد) و (أوائل المقالات) قال: (بأن الحساب هو المقابلة بين الأعمال والجزاء عليها والمواقفة للعبد على ما فرط)، وقال: (الكفار حسابهم وعقابهم على حسب الاستحقاق، ويوفى المؤمنون أجرهم بغير حساب).
وقال: وليس هو (أي الحساب) كما ذهب العامة إليه من مقابلة الحسنات بالسيئات والموازنة بينهما، على حسب استحقاق الثواب والعقاب عليهما، إذ كان التحابط بين الأعمال غير صحيح.
وأنكر ما ذهب إليه أهل الحشو من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا، لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها، إذ الأعمال أعراض والأعراض لا يصح وزنها.
وبديهي أن مطالب هذه المقولة مصدرها السمع، وهي تستفاد من ظواهر القرآن والأحاديث الشريفة، ويمكن أن يكون المراد من وزن العمل هو وزن المثال، كما هو مذكور في باب تجسم الأعمال، وهي أمور خفيت حقائقها علينا، فلا يمكن إنكارها بمثل قوله: (الأعمال أعراض والأعراض لا يصح وزنها).
وإجمالا: ما يمنع أن تكون هناك موازين توزن فيها الأعمال ليعلم موافقتها من مخالفتها للأوامر والنواهي، وليوزن صاحب العمل، أو العمل نفسه مع سجل العمل وصحائف الأعمال، وقد وردت عندنا في باب تجسم الأعمال روايات تقول: بتجسم العمل الذي يقول: إنه عرض، فيبدو في صورة حسنة جميلة، وإليه أشارت الآية الكريمة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) (1).
ويحتمل أن يكون المراد منه أن العمل نفسه يحفظ، كما يلاحظ اليوم في التلفاز، مع أن صاحب العمل ترك مكانه مثلا، أو مات.

(1) الزلزال - 7
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»