وفيه أن المشهور بينهم إلى عصر الشيخ كما قد عرفت هو القضاء بمجرد النكول مضافا إلى أن في الإحتجاج بالشهرة المحققة بل والإجماع المحصل في مثل هذه المسألة نظر فإن الشهرة وكذا الإجماع لا تكشف عن وجود نص في المسألة غير ما عثرنا عليه في ما بأيدينا من جوامع الحديث فإن من المحتمل بل المظنون أن المشهور أو المجمعين اعتمدوا في ما ذهبوا إليه بهذه الروايات، والأحاديث المخرجة في كتب الحديث الباقية إلى عصرنا:
حجج القول بجواز الحكم بمجرد النكول وقد استدل لهذا القول أيضا بوجوه.
الأول رواية حماد عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأخرس كيف يحلف؟ (فأجابه في حديث طويل) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب له اليمين، وغسلها، وأمره بشربها فامتنع فالزمه بالدين (1).
وقد أورد على الاستدلال بها بوجوه:
أحدها أنها قضية في واقعة، وفيه أنه يتم إذا لم تكن نقل القضية مسبوقا بالسؤال عن الإمام (عليه السلام).
ثانيها أن السؤال إنما وقع عن حكم الحلف دون الامتناع عنه فليس الخبر واردا في مقام بيان هذا الحكم حتى يتم الإطلاق.
وأجيب عنه بأن من تأمل في الرواية يجد أن مراد السائل السؤال عن حكم حلف الآخر مطلقا، وفيه أنا تأملنا فيه فلم نجده إلا في مقام السؤال عن كيفية حلفه اللهم إلا أن يقال إن ظاهر قوله: فامتنع فألزمه الدين دال على تعقيب الإلزام للامتناع بغير مهملة لمكان الفاء، وهو ينافي تخلل اليمين بينهما.