أدلة عدم جواز الحكم بالنكول وأما بحسب الأدلة فاستدل لعدم جواز الحكم بالنكول، ووجوب رد اليمين إلى المدعي بوجوه:
الأول بالأصل الذي ذكرناه. وفيه أنه المعول عليه إذا لم يقم دليل على جواز الحكم بالنكول، ومع قيام الدليل فلا معارضة بينه، وبين الدليل.
الثاني بقوله تعالى: ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد إيمان بعد إيمانهم (1) فاستدل الشيخ بها في الخلاف قال: فأثبت الله يمينا مردودة بعد يمين فاقتضى ذلك إن اليمين ترد في بعض المواضع بعد يمين أخرى. فإن قيل: الآية تقتضي رد اليمين بعد اليمين والإجماع أن المدعى عليه إذا حلف لم ترد اليمين بعد ذلك على المدعي قيل: لما أجمعوا على أنه لا يجوز رد اليمين بعد اليمين عدل بالظاهر عن هذه، وعلم أن المراد به أن ترد إيمان بعد وجوب إيمان (انتهى) وفيه إن رد الإيمان كما أفاد في كنز العرفان هنا مجاز فإن رد اليمين عن شخص إلى شخص آخر يكون حقيقة إذا توجه اليمين على شخص من الأول ثم ردها إلى غيره أوردها الحاكم إليه، وفي المقام لم يتوجه اليمين إلى الوصيين بل إنما توجهت إلى ورثة الميت لأنهم وجدوا إناء الميت عندهما فطالبوهما به فادعيا شرائه من الميت فأنكر الورثة فتوجه اليمين إليهم لإنكار هم ذلك (فراجع ما ورد في سبب نزول الآية) ولو أغمضنا عن ذلك، وقلنا إن اليمين لو لم تكن هذه الآية تتوجه إلى الوصيين المنكرين لا بآخرين يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان نقول: إن المستفاد من ظاهر الآية أن العدول عن يمين ذي اليد المنكر إلى من يقوم مقامه إنما كانت لأجل خصوصية في المورد، وهي إلزام الوصيين بحسب اليمين الأولى عرفا باليمين الثانية أيضا لأنهما لو امتنعا عنها ورداها إلى الورثة يظهر كذب يمينهما الأولى فيفتضحان،