ومثل هذه اليمين لا ينبغي أن يكون من موازين فصل الخصومة، ومستند القاضي في قضائه فوجه الله تعالى اليمين إلى الورثة لأن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها، وأبعد من الكذب، وأن يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم فيظهر كذبهم، ويفتضحوا بين الناس فلا يجوز التعدي عن موارده إلى غيره.
الثالث ما دل على حصر ميزان القضاء بما ليس النكول منه كقوله (صلى الله عليه وآله): إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان (1)، وخبر يونس عمن رواه قال: استخرج الحقوق بأربعة وجوه: شهادة رجلين عدل فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان فإن لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدعي فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدعى عليه فإن لم يحلف رد اليمين على المدعي، وهي واجبة عليه أن يحلف ويأخذ حقه فإن أبى أن يحلف فلا شئ له (2).
وما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة أو يمين قاطعة أو سنة ماضية من أئمة الهدى (3).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): البينة على من ادعى، واليمين على من ادعي عليه (4) وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن البينة على المدعي، واليمين على من ادعي عليه (5) فإن التفصيل قاطع للشركة، ولازم ذلك عدم كون اليمين وظيفة المدعي إلا في صورة رد المنكر فإن ميزانية نكول المدعي في هذه الصورة قد ثبت بالدليل المخصص للعمومات فبناء على هذا إذا حكم القاضي بمجرد نكول المدعى عليه ليس لحكمه مستند غير نكوله مع أن ميزان القضاء انحصر بما يكون نكول المدعى عليه خارجا عنه.