مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٢١٢
والجواب عن ذلك كله أن هذه العمومات يخصص بما ذكره القائل بالحكم مضافا إلى أنه يمكن أن يقال إن هذه العمومات إنما وردت لبيان الوظيفة في الحكم في أول الأمر، وعدم تعرضها لصورة النكول.
ولو أغمضنا عن ذلك فيمكن أن يقال بدلالة قوله: البينة على المدعي إلخ على جواز الحكم بالنكول لأن رد اليمين على المدعي مخالف لعكس القضية الأولى فإن مقتضى كل من القضيتين حصر مبتدائها في خبرها وبالعكس فمعنى قوله: البينة على المدعي إلخ أنه لا بينة إلا على المدعي، ولا مدعي إلا من عليه البينة، وهكذا الكلام في القضية الثانية فرد اليمين مخالف لعكس قوله: البينة على المدعي، ومخالف لأصل القضية الثانية، (واليمين على من أنكر).
لا يقال القضاء بالنكول أيضا مخالف لحصر المستفاد من الخبر.
فإنه يقال القضاء بالنكول موجب لرفع اليد عن قوله: البينة على المدعي الذي يستفاد منه من جهة كون الرواية في مقام حصر ما يلزم به المدعي في إثبات حقه، وما يلزم به المنكر في التخلص عن دعوى المدعي أن حق المدعي لا يثبت إلا بالبينة، وهذا بخلاف رد اليمين إلى المدعي فإنه مستلزم لرفع اليد عن عكس القضية الأولى، وأصل القضية الثانية. ولا يخفى أنه إذا دار الأمر بين رفع اليد عن ظهور قضية واحدة أو ظهور قضيتين يكون الأول أولى، وهذا إنما يتم على عدم القول بالفصل والإجماع المركب وإلا فلو لم يكن هنا إجماع، واحتملنا توقيف الدعوى لا مجال لرفع اليد عن ظهور أصل القضيتين وعكسهما.
هذا مضافا إلى أنه على تقدير رد اليمين إلى المدعي، ونكوله عن اليمين، والقضاء عليه يلزم رفع اليد عن الحصر المستفاد من عكس قضية اليمين على من أنكر فإن المستفاد من عكسها وهو لا منكر إلا من عليه اليمين حصر رفع الخصومة عن المنكر باليمين مع أن في صورة نكول المدعي عن اليمين المردودة رفع الخصومة عنه بغير اليمين.
لا يقال: إن عموم حصر رفع الخصومة عن المنكر باليمين قد خصص بما دل على جواز الحكم بنكول المدعي.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»