مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
للحاكم وولايته على إصدار هذه الأحكام وإلزام الآخرين في الموارد التي قررها الشارع حكم شرعي كما أن وجوب طاعة الحاكم في أحكامه حكم شرعي أيضا كما ذكرنا.
وإذا لم يكن الحاكم في هذه الأحكام من المعصومين وأولي الأمر الذين قرن الله إطاعتهم بطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) - ولو كان من عمالهم والمنصوبين من قبلهم بالنصب الخاص أو العام - فإنه يجوز وقوعه في الخطأ والاشتباه، ولكن تجب إطاعته حفظا للنظام إلا إذا علم خطؤه، وحينئذ فلا يجب على العالم بذلك إطاعته، بل ينبغي في بعض الموارد تنبيهه على خطئه. ومن لا يعلم ذلك وإن احتمله فيجب عليه إطاعة الحاكم، على تفصيلات ليس هنا مقام ذكرها.
وهذا نظير تطبيق غير الحاكم الأحكام الشرعية على موضوعاتها الخاصة الخارجية، فتارة يصيب فيها، وتارة يخطئ، وهذا يصيب والآخر يخطئ.. وهذا مبنى قوله (صلى الله عليه وآله) في خبر أحمد والترمذي وابن ماجة ومسلم (وإذا حاصرت حصنا فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا) فإن المراد منه - والله أعلم - أن إنزالهم على حكم الله لابد وأن يكون بما هو حكم الله برأيه، وحيث يمكن أن لا يكون في رأيه مصيبا حكم الله تعالى يمكن أن ينزلهم على غير ما شرط لهم وهو حكم الله الواقعي.
وأما لو شرط عليهم إنزالهم على حكمه فإنه وإن أنزلهم على ما هو حكم الله برأيه لكن إن لم يصب حكم الله لم يتخلف عن الشرط، مضافا إلى أنه بذلك يسد باب مناقشتهم إياه بأنك ما أنزلتنا على حكم الله تعالى. وهذه الرواية صريحة بصحة القول بالتخطئة وبطلان التصويب.
9 - باب الاجتهاد في الأحكام مفتوح للجميع إلى يوم القيامة من الأخطاء الكبيرة القول بسد باب الاجتهاد وحصر المذاهب الفقهية في الأربعة المعروفة، وإلزام العامي بتقليد أحد أرباب هذه المذاهب، وإلزام المجتهد أن يكون مجتهدا في الفقه المنسوب إلى واحد منهم فيسلبونه بذلك حرية التفكير والاجتهاد الحر،
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»