مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٩٣
10 - الأحكام الحكومية تقدمت الإشارة إلى أن الأحكام الحكومية التي هي من أجل ضمان تطبيق الأحكام الإلهية تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة حتى لو كانت من حاكم واحد، فيوما يرى إرسال الجيش إلى شرق الدولة مثلا وفي زمان يرى تسييرها إلى غربها، وفي زمان آخر يطلب من الناس أن لا يسافروا إلى بلاد الكفر مثلا، وفي وقت يطلب منهم السفر إليها تحصيلا لغرض خاص.
فهذه الأحكام طبيعتها عدم الثبات، بخلاف أحكام المعاملات ونظائرها، فإن قوانينها وأحكامها ثابتة لا تقبل التغيير.
والذي اخترناه في الفقه، بدلالة تقصي بعض الأحاديث المروية عن طريق العترة الطاهرة، أن الأحكام إذا كانت نبوية صادرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان النص الدال عليها مطلقا لا يخصها بزمان خاص أو ظرف خاص، فلا يجوز رفع اليد عنها بالاجتهاد، وحملها على أنها أحكام حكومية، فمثلا نصه (صلى الله عليه وآله) على أن (من أحيا أرضا ميتة فهي له) وإن قلنا إن المستفاد منه ليس الحكم بسببية الإحياء للملكية، وجواز التملك بالإحياء، بل هو إذن منه في الإحياء والانتفاع من الأرض، لكن مع ذلك لا يجوز لأحد ممن يلي الأمر بعده رفع هذا الأمر وهذا الإذن ومنع الناس عن إحياء الأرض الموات، أو جعله مشروطا بشرط.
ولذلك نقم المسلمون فيما نقموا على عثمان أنه آوى الحكم بن العاص ورده إلى المدينة، وأعطاه مأة ألف بعد ما كان منفيا في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمان أبي بكر وعمر، وقد سألهما إدخاله المدينة فامتنعا عن الإذن له وقال أبو بكر: هيهات هيهات أن أغير شيئا فعله رسول الله والله لا رددته أبدا. وقال عمر: ويحك يا عثمان تتكلم في لعين رسول الله وطريده وعدو الله وعدو رسوله!
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 199 ... » »»