وإن قلنا إن إخباره عن هذه الجزئيات بالخصوص ليس مما نزل به جبرئيل على قلبه الطاهر الأقدس، بل هو بيان لجزئياته أو مصاديقه ولكنه في كل ذلك تحت رعاية الله الخاصة، لا يخطئ ولا يقول إلا بوحي من الله تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
هذا ولا يخفى عليك أن الدليل على أنه لا يخطئ في موضوعات الأحكام التي تشتبه على غيره هو عين الدليل على عصمته وعدم الخطأ في أصل الأحكام.
6 - الأحكام كليتها وجزئيتها الأحكام الكلية هي الأحكام المحمولة على الموضوعات الكلية، مثل الصلاة والصوم والحج والبيع والنكاح والرهن. وهكذا تفاصيلها وشرائطها وأجزاؤها من السجود والركوع والقراءة وخيار الغبن وخيار العيب. وكذا موضوعات الأحكام التحريمية مثل الخمر والربا والميسر والغش وإيذاء المؤمن والزنا وغيرها... فالحكم يكتسب كليته من موضوعه.
وأما الأحكام الجزئية فهي ما يتعلق بالجزئيات الخارجية للموضوع الكلي، فالحكم الجزئي جزئي من جزئيات الحكم الكلي، وهذا مثل حرمة شرب هذا الخمر، أو حرمة غصب ملك زيد، أو حرمة الزنا بامرأة معلومة، أو حرمة نكاح هذه المرأة، أو وجوب أداء زكاة هذا المال المعين، أو وجوب صلاة ظهر هذا اليوم، أو وجوب الوضوء لهذه الصلاة، أو خيار الغبن في هذه المعاملة.
ولكن اشتبه الأمر على هذا الكاتب فعد نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن بيع الثمر قبل ظهور صلاحه ونضجه - الذي استقرت عليه فتاوى الفقهاء وبنوا على بطلانه - عده من الأحكام الجزئية ولم يتفطن إلى أن الجزئي والكلي متلازمان، لا يوجد أحدهما بدون الآخر، فإذا كان هذا الحكم أي بطلان بيع الثمرة قبل بدو صلاحها جزئيا، فما هو إذا الحكم الكلي الذي هذا من جزئياته؟! وليت شعري كيف يخفى على الذي يكتب في الفقه وفي مثل هذا الموضوع الذي شغل فكر أكثر أهل الثقافة العصرية المغترين