مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٩٤
11 - بعض الأمثلة في الأمثلة التي مثل بها الكاتب خلط أيضا بين الأحكام الإلهية وفتاوي الفقهاء التي ليست مصونة من التغيير وليس ذلك بسبب أن الحكم الذي أفتى به المفتي يتغير فتتغير الفتوى بتغيره، فإن المفتي إذا أفتى بحسب ما أدى نظره إليه يرى مؤدى نظره حكما شرعيا لا يقبل التغيير، وعندما يرجع عنه لا يرجع بسبب تغير الحكم الشرعي الذي استنبطه بل لأنه ليس مصونا من عدم إصابة حكم الله تعالى، فربما مخطئ في فتواه ثم يظهر له خطؤه فيرجع عن فتواه، ورجوع المجتهدين عن رأيه إلى رأي جديد ليس بعزيز.
فلا يقاس الحكم الشرعي الثابت المصون عن التغيير بفتوى المجتهد الذي ليس مصونا من الاشتباه والخطأ.
وبعض الأمثلة التي ذكرها الكاتب ليس من تغيير الفتوى أيضا بشئ بل هي أشبه بالاجتهاد في مقابل النص ورد النص بالتأويل:
قال في مسألة كون المرأة ناخبة أو نائبة (فقد صدرت مثلا فتوى في النصف الأول من هذا القرن بعدم السماح للمرأة أن تكون ناخبة أو نائبة، وتجاوز الزمن هذه الفتوى كما تجاوزتها الفتوى البصيرة من العلماء الآن إذ لم يقروا الدليل الذي استند عليه المانعون، ونظروا إليه من وجهة نظر أخرى، فوق أن المرأة تعلمت وقطعت أشواطا في العلم كالرجل، وكذلك في الوظائف، وبرز الكثير في عملهن وتخصصهن فلم يعد من المستساغ باسم الدين منعهن من إبداء الرأي في الانتخابات أو المجالس التشريعية أو الأعمال الإدارية بينما نعطيه الرجل الأمي، على أن لكل بلد وضعا يراعيه المفتون في فتاواهم قد لا يوجد في بلد آخر) إلى آخره.
ونحن لا نريد الكلام والبحث في المسألة هنا لإبداء رأينا الفقهي، ولكن حيث ندرك خطر المسار الخارج على الأحكام الشرعية الذي يسيره مثل هذا الكاتب، لا نخفي أسفنا الشديد على هذه المواجهة الهدامة مع نصوص من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة والأمة! فكأنه يرى أن لكل أحد أن ينظر إلى النصوص والأدلة بأي وجهة شاء، ولو انتهت وجهته إلى ترك النصوص، فلا معيار ولا ميزان للنظر في النصوص والاستنباط منها!
(١٩٤)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 199 200 ... » »»