مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٦١
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عمر إنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف تورث الكلالة؟ فأنزل الله: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) إلى آخرها فكان عمر لم يفهم، فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) طيب نفس فسليه عنها، فرأت منه طيب نفس فسألته فقال: أبوك ذكر لك هذا، ما أرى أباك يعلمها، فكان عمر يقول: ما أراني أعلمها، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال، والأخبار بذلك عن عمر كثيرة (1).
فهذه المناقضات القولية والفعلية التي نرى نموذجا منها في باب المواريث من أقوى الشواهد على أنه يجب أن يكون في الأمة عالم بالأحكام يكون قوله حجة على الجميع، لا يفارق الحق ولا يفارقه الحق، وهم الذين جعلهم النبي (صلى الله عليه وآله) عدلا للقرآن، وأخبر بأن التمسك بهم وبالكتاب أمان من الضلالة أبدا، وهم الذين أراد النبي (صلى الله عليه وآله) الوصية بهم والنص عليهم بالكتاب لما قال في مرضه: (إيتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده) فخرج بعضهم على نص النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: غلبه الوجع وحسبنا كتاب الله فاختصموا، ومنهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي (صلى الله عليه وآله) كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما كثر اللغو والاختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله) ورأى بأبي هو وأمي أن الأمر انتهى إلى التخاصم، وأنهم مصرون على منعه من كتابة وصيته، وآل الأمر إلى ما آل، قال: قوموا، فكان ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (2).
* * *

(١) الدر المنثور ج ٢، ص ٢٤٩.
(٢) يراجع في ذلك البخاري كتاب العلم باب كتابة العلم وكتاب المرضى والطب باب قول المريض: قوموا عني، وكتاب المغازي والإعتصام والمسند وصحيح مسلم.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»