فيقال له: وهل يثبت قول الشخص ورأيه إلا من طريق أصحابه وخواصه وتلامذته الذين أخذوا منه العلم، فمن راجع كتب الشيعة في الحديث والفقه والتفسير يعرف اختصاصهم بأهل البيت (عليهم السلام)، وإن علومهم مذخورة عندهم وفي كتبهم، لاشك أنهم معتمدون في مذهبهم وفقههم على هؤلاء الأئمة الذين شهد بعلمهم وفقههم حتى ألد أعدائهم، لم ينكر ذلك أحد عليهم، وصحة نسبة كثير مما انفرد به فقه المذهب الشيعي الجعفري إلى أئمة العترة (عليهم السلام) ثابتة عند أهل العلم والباحثين، مشهور بين العلماء كقولهم ببطلان العول والتعصيب.
وبعد ذلك نقول: يا فضلية الشيخ أنتم تقولون ان الشيعة لم تستندوا إلى نص خاص، ومنعوا الإرث بالتعصيب حتى إذا كان للمتوفى بنت أو بنات فقط ووجد معها عاصب من غير الأبناء والأب حازت البنت أو البنات كل التركة فرضا وردا.
فما تقولون في خبر سعد بن أبي وقاص الذي أخرجه الشيخان في عدة مواضع من صحيحيهما، والترمذي وغيرهم، ألا يدل على أن البنت الواحدة ترث جميع التركة، وأن الأب إن أوصى بثلث ماله ترث بنته الباقي وهو الثلثان؟ فإن لم يكن هذا النص الخاص فما هو إذا النص الخاص؟
فإن كان الشيعة هم القائلون بالتعصيب أفلا تحتجون عليهم وتستدلون على بطلانه به، وتقدمونه على خبر ابن طاووس وخبر عبد الله بن محمد بن عقيل لما فيهما من العلل الكثيرة، وصحة سند خبر سعد بن أبي وقاص وقوة متنه فليكن عملكم هكذا والحال بالعكس فأنتم القائلون بالتعصيب، والشيعة قائلون بمنع العصبة عن إرث ما بقي من المال ورده إلى أرباب الفرائض من قرابة الميت، فلماذا تركتم هذا النص الصحيح السالم من العلل، وخبر واثلة بن الأسقع المخرج في المسند وسنن ابن ماجة، وخبر سويد بن غفلة المخرج في السنن الكبرى للبيهقي، وأخذتم بالخبرين المذكورين مع ما فيهما من العلل ومخالفتهما لنصوص الكتاب، وهل بعد ما علم، الترجيح يكون مع خبر سعد وخبر واثلة وسويد مع موافقتها لنصوص الكتاب أو لهذين الخبرين؟ أنتم وفقهكم وإنصافكم.