مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٥٠
آية أخرى:
ومن النصوص القرآنية التي يكون القول بالتعصيب خروجا عليها قوله تعالى:
(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (1).
فقد دلت على قاعدة مهمة مبنية على أهم ما بنيت عليه أحكام المواريث الشرعية، وهي أن الإرث على ترتيب الطبقات، الأقرب فالأقرب، والأقرب ذكرا كان أو أنثى يمنع الأبعد، ومن كان منهما في الطبقة المتقدمة يمنع من كان في الطبقة المتأخرة، ولا ريب أن البنت أقرب من ابن ابن أخ ومن ابن العم ومن العم، لأنها تتقرب إلى الميت بنفسها وهؤلاء يتقربون إليه بغيرهم، فالحكم بتقديم كل واحد من هؤلاء عليها تقديم للأبعد على الأقرب، ومن يتقرب بالميت بغيره على من يتقرب بنفسه، ولا ريب أن هذا خروج على هذا النص القرآني الذي قرر أن الأقرب من أولى الأرحام أولى من الأبعد.
ومن جانب آخر يخالف القول بالتعصيب الآيتين الكريمتين، لأن مدلولهما أن الأقربية إلى الميت هي تمام المناط لإرث الوارث لتركته، ففي أي شخص وجد هذا المناط فإنه يرث الميت، لا ترجيح لأقرب على أقرب إذا كان الأقرب أكثر من واحد، سواء كان الجميع ذكورا أم إناثا، أو بعضهم من الذكور وبعضهم من الإناث، وسواء كان ما يرثونه جميع تركة الميت، أو بعضها مما بقي من الفرائض، فالقول بأن ما بقي من الفروض لأولى رجل ذكر، دون من كان في درجته من الإناث خروج على ما تنص عليه الآيتان، من أن تمام المناط في إرث المال الأقربية إلى الميت.
فإن قلتم: إن المستفاد من الآيتين أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض، إلا أنه لم يعين هذا البعض الأولى، فذلك يستفاد من غير الآيتين من الكتاب والسنة.

(1) الأنفال - 75، الأحزاب - 6
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»