أخي على هذا القول، وقد عرفت من في عسكره، لم أفقد والله رجلا من المهاجرين والأنصار، ولا والله ما رأيت في عسكر معاوية رجلا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله).
فقال معاوية عند ذلك: يا أهل الشام أعظم الناس من قريش عليكم حقا ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وسيد قريش، وها هو ذا تبرأ إلى الله مما عمل به أخوه.
قال: وأمر له معاوية بثلاثمئة ألف دينار، قال له هذه مئة ألف تقضي بها ديونك، ومئة ألف تصل بها رحمك، ومئة ألف توسع بها على نفسك. (1) وقال ابن أبي الحديد: ومن المفارقين لعلي (عليه السلام) أخوه عقيل بن أبي طالب قدم على أمير المؤمنين بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه، فقال: إنما أريد من بيت المال؟
فقال: " تقيم إلى يوم الجمعة "، فلما صلى (عليه السلام) الجمعة، قال له: " ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟ " قال: بئس الرجل!
قال: " فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك ".
فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية، فأمر له يوم قدومه بمئة ألف درهم.
وقال له: يا أبا يزيد، أنا خير لك أم علي؟ قال: وجدت عليا أنظر لنفسه منه لي، ووجدتك أنظر لي منك لنفسك. (2) وقال أيضا: واختلف الناس في عقيل هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين حي؟
فقال قوم: نعم.
ورووا أن معاوية قال يوما وعقيل عنده: هذا أبو يزيد لولا علمه أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه.
فقال عقيل: خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي أسأل الله خاتمة خير.