قالوا: نعم.
قال: فأبو لهب عم هذا الشيخ المتكلم - يعني عقيل - وضحك وضحكوا.
فقال لهم عقيل: فهل سمعتم قول الله عز وجل: (وامرأته حمالة الحطب) (1)؟ هي عمة أميركم معاوية، هي ابنة حرب بن أمية زوجة عمي أبي لهب، وهما جميعا في النار فانظروا أيهما أفضل الراكب أو المركوب؟.
فلما نظر معاوية إلى جوابه قال: إن كنت إنما جئتنا يا أبا يزيد للدنيا فقد أنلناك منها ما قسم لك، ونحن نزيدك، وألحق بأخيك، فحسبنا ما لقينا منك.
فقال عقيل: والله، لقد تركت معه الدين، وأقبلت إلى دنياك، فما أصبت من دينه، ولا نلت من دنياك عوضا منه، وما كثير اعطائك إياي، وقليله عندي إلا سواء، وإن كل ذلك عندي لقليل في جنب ما تركت من علي. وانصرف على علي (عليه السلام). (2) وقال القاضي نعمان: ومال عقيل بعد ذلك - يعني بعد حرب هوازن ورده الأبرة التي أخذها إلى المغنم - إلى حب المال والكسب لما رأى الناس قد مالوا إلى ذلك وأتى عليا (عليه السلام) وهو في الكوفة، فقال له أعطني من المال ما اتسع فيه، كما اتسع الناس.
فعرض عليه ما عنده فلم يقبضه، وقال: أعطني ما في يديك من مال المسلمين.
فقال له: " أما هذا فما إليه من سبيل، ولكني أكتب لك إلى مالي [بينبع] فتأخذ منه ".
قال: ما يرضيني من ذلك شيئا، وسأذهب إلى رجل يعطيني.
فأتى معاوية، فسر معاوية بقدومه عليه وجمع وجوه أهل الشام وأحضره، وقال لهم: هذا أبو يزيد عقيل بن أبي طالب قد اختارنا على أخيه علي، ورآنا خيرا له منه.